ما أحْلاهُ مِنْ أَلَم - محمد عبد الحفيظ القصّاب

ما أحْلاهُ مِنْ أَلَم
*****************

يا قلبُ قد كنتَ في حالٍ منَ النِّعَمِ
لا شيءَ فيكَ منَ الإسهادِ والسَّقَمِ

تدورُ في فَلَكِ الأحلامِ طاغيةً
عليكَ في الفمِ منها نخبُ مُبْتَسِمِ

وكنتَ تأنفُ منْ عشقٍ تُصارُ بهِ
مسخاً فتأبى عليكَ النفسُ بالهِمَمِ

وكمْ كفرْتَ بلحظٍ منْ ذواتِ هوىً
تحومُ فوقَ رياضِ الحبِّ والحُلُمِ

فَرحْتَ ترسمُ فوقَ الوجهِ شاهدةً
من الجمودِ تحيلُ الوردَ في ندمِ

وما خليتُ من الأشواق دامعةً
وإنَّما في ليالينا احتسيتُ دمي

وكم نظرتُ إلى لحظٍ على عجلٍ
فما هويتُ كما قالَ الثقاتُ : عَمِيْ

والآنَ منذُ رأيتُ اللحظَ منكِ هوى
بكلّ شاهدةٍ من عالَمِ الظلمِ

علمتُ أنَّ حقوقَ القلبِ قد وَثَقَتْ
بي عندما أشْرَكَتْهُ النفسُ بالعدمِ

جاورتِ روحي عَنَاءً دونها جسدي
فقد أتيتِ عليها قبلُ في الرحمِ

وقد عميتُ كما قالَ الثقاتُ وما
أبصرتُ غيرَ خيالٍ منكِ مُحْتكمِ

وكنتُ أسهرُ ليلي في مُدارَسةٍ
فالليلُ نادِلُ والأشعارُ لَمْ تَنَمِ

وما جزعتُ من الأيامِ وهي سدىً
فالخوفُ كونكِ وهماً جاءَ مُتَّهمي

أنِّي جعلتُ حياتي غيرَ زاهِرةٍ
وجئتُ بالهمِّ محفوراً بلا رسمِ

ألهيتِ عقليَ عمَّا كان يشغله
فصارَ عِقداً ولكنْ غيرَ مُنْتظمِ

فالشوقُ يحملُ لي ما كنتُ أعرفهُ
نوعاً منَ الآهِ لكنْ غيرَ مُنْقسمِ

فخِلْتهُ ألماً ممَّا يراودني
فكانَ بعدَ جِهادٍغيرَ مُحْتشمِ

جوارحي سَقِمَتْ بالشوقِ في ألمٍ
إليكِ لكنْ وما أحلاهُ منْ ألمِ

تقاسمتْني يدا جُرحٍ مناصفةً
مابينَ عشقي وبينَ المجدِ في القلمِ

إليهما تطلبُ الأرواحُ نَجْدتها
وإنَّني بهما في قبضةِ الحكمِ

والعشقُ يطفرُ في الأرواحِ هِمَّتَها
للمجدِ إقدامهُ من غيرِ مُنْهزمِ

فأنتِ عشقي ومجدي منكِ منبعهُ
والقلبُ يأبى عليكِ الحنثَ بالقسمِ

لو لمْ تكنْ منكِ عينُ الحبِّ قائمةً
ما كانَ شعري لهُ وحيٌ ولمْ يقمِ

(23)
****************البسيط

محمد عبد الحفيظ القصاب-90-ح
© 2024 - موقع الشعر