رغم انصرام العمر - محمد زيدان شاكر

لازال قلبي مذ أحبكِ خافقا
خوضُ الهوى لازال عندي شيِّقا

رُغْمَ انصرامِ العُمْرِ إنّي مُسْرِفٌ
في عِشقِ وجهٍ لم يزلْ لي مُشرِقا

وخواطري تزدادُ سِحْرًا مثلما
يزدادُ سِحْرًا ذِكرُ ذاكَ المُلْتَقى

ولقد أضأتيها فأضحتْ نيِّرًا
أشْرَعْتِ بابًا كانَ دومًا مُغْلَقا

قد كنتُ قبلًا في طريقٍ مُبهمٍ
وحَسِبْتُ قلبي بالهوى مُتدَفِّقا

كم مِنْ عيونٍ فُجِّرَتْ في داخلي
كانتْ نجومًا أو بدورًا مُسبقا

فرَأتْ بذاتي مُستقرًا أغْيَدًا
فاشتَدَّ وَهْجُ سنائِها وتَأَلَّقا

وتثائَبتْ مثلَ العذارى روعةً
وتدفَّقَتْ عندَ التلاثُمِ رَونقا

ولقد تعَرَّتْ في خليجي ساعةً
تُفشي جَمالًا كانَ سِرًّا مُطْبِقا

قدأخْبَتَتْ مِنْ كلِّ ذاكَ خوالجي
وتَلَبَّسَتْ كلُّ الحنايا زنبقا

حتى أتتني منْ رياحكِ نفحَةٌ
فصَحَوتُ أشهدُ كيف حُبٌ أحْرَقا

وظننتُ كهفي في جبالي فارغًا
وإذا بكهفي بالغرام تَشرنَقا

منْ أجلِ حُبِّكِ قد شَقَقْتُ نسيجها
وخرجتُ منها كالفراشِ مُحلِّقا

وظننتُ قلبي جُحْرَ ضَبٍّ ضَيِّقٍ
في قَعْرِ وادٍ بالجبالِ تَطَوَّقا

وإذا به ما إنْ دخلتِ مناجمًا
بل بالطِّباقِ رأيتهُ قد رُتِّقا

ولقد رشفتُ كؤوسَ حبكِ كُلَّها
لكنْ بقيتُ إلى هواكِ مُشَوَّقا

لازال قلبي في هواك مدَثَّرًا
كم مِنْ ملاكٍ في فؤادي أشْرقا

لمَّا رأوا أرضي ثُلوجًا ذَوَّبوا
لي كُلَّ نَهرٍ مِنْ غرامٍ عُتِّقا

فاهتزَ قلبي مِنْ مَعينٍ دافٍئ
ورَبَتْ بهِ كلُّ الورود فأَوْرَقا

لازال قلبي في هواك مُعَلَّقا
لكأنهُ مِنْ نُطفَةٍ قد خُلِّقا

ولقد نَما مثلَ الأجنةٍ وارتوى
يا روعةَ العطفِ الذي قد أُغْدِقا

ما كنتُ يومًا عنْ هواكِ بغافلٍ
فأنا الذي عُمري لأجلكِ أُنْفِقا

لازال قلبي في هواكِ مُصدقا
لازال في خُلجانِ بحركِ مُغْرَقا

لازال يجني من ثماركِ لؤلؤًا
فنَعيمُ حبك لم يزل مُتدَفِّقا

ولقد رميتُ مع البذورِ عواطفي
فإذا بها للحبِّ تَغدوا بَيرقا

إنّي رأيتُكِ مذ هَويتُكِ جَنَّةً
والحُبَّ بحرًا والشُّعورَ الزورقا

© 2024 - موقع الشعر