دموع الصغار (تفعيلة) - فريد مرازقة القيسي

دموع الصغار...
 
صَغِيرِي... لِمَاذَا بِعَينِكَ دَمْعٌ؟
أَتبْكِي لِأنِّي عَلَى دَرْبِ مَنْ سَبَقُونِي أسيرُ وَ دُونَ حياءٍ أُقَبِّلُ شَعْرَ القُرُودْ؟
أَتَبْكِي لِأَنِّي أبيعُ الكَرَامَهْ؟
أَتَبْكِي لِأَنِي قتلتُ الشَّهَامَهْ؟
أَتبْكِي لَأنِّي كذبْتُ وَ بعدَ غِيابِ ضَميرِي
كسَرْتُ القُيُودْ
وَ بعد التّعنّتِ خُنتُ الوُعُودْ؟
أتبكِي لأني نكثت العُهودْ؟
لماذا صغيري تلوم الذِي مدَّ كَفًّا لكفِّ اليَهُودْ؟
 
ألا إنَّني لستُ أبكِي العُهودْ
وَ لستُ ألومكَ فالمكر فيك عليهِ خلائق ربّي شهُودْ
و لست سأرثيك إن مت يومًا
فلم تك يوما أبِيًّا و لا من يحبُّ الصُّمودْ
تقَبِّلُ أيْدِي الخَنازيرِ صُبْحًا
وَ تدعو لَهُمْ بانتصارٍ علَى الأُسْدِ حين السُّجودْ.
 
أتسأل عنْ دمعتِي ما دهاها؟
سأخبرُكَ السِّرَّ بعد السُّكُوتْ
وَأُبْدِي لكَ الحقَّ حقَّا لَعلَّكَ للزورِ لَا بَعدَ قولِي تعُودْ:
 
- دُمُوعِي تُغَسِّلُ طِفْلًا يَضُمُّ أبَاهُ قُبَيلَ الوفاةْ
- دُمُوعِي تواسِي أسيرًا يُودِّعُ هذِي الحيَاةْ
- دُمُوعِي تُعَانِقُ بَعدَ السُّقُوطِ الرُّفاتْ
- دُموعِي علَى تُرْبَةِ القُدْسِ تجرِي
- دُمُوعي على الصَّخرِ تكتُبُ حُزْنًا: على هذه الأرضِ ما يستحقُّ الحَياةْ
- دُمُوعِي تحِنُّ إلى خُبزِ أُمِّي وَهذِي ذِرَاعِي فقم والتقطها وَكَسِّرْ بِهَا بطشَ كلِّ الطُّغَاةْ.
 
أتسألُ عن دَمعَتِي ما دهاها؟
 
- دُمُوعِي تُعَزِّي الِّتي زَوْجُهَا لَمْ يَعُدْ مذْ غَدَا
- دُمُوعِي تساقطُ من أجلِ طفلٍ سيقضي طُفولتهُ في الحروبِ وأقلامه لن تمسّ اليَدَا
- دموعيِ تواسي خطيبة فحل ستفرح يوما وتبكي غَدَا
- دُموعي تُرَمّمُ جُدرانَ بيتٍ ولكنَّه مثل قصْرٍ بدَا
 
أتسألُ عنْ دمعتِي ما دهاها؟
 
دُموعِي تُحارِبُ مَنْ طَبَّعُوا
معَ القردِ لكنَّهُم ما وَعُوا
دُمُوعِي تُحاكِي بُكاءَ التِّي رَغْمَ كُلِّ القَذَائِفِ لَا ترْكَعُ
دُموعِي تُقَابِلُ كُلَّ الرَّصَاصِ الذِّي آل غَزَّةَ قدْ يصرعُ
دُموعِي وَ لو ما فهِمتَ الإجابَهْ...
تُبيحُ الرُّجوعَ و لا ترجعُ...
كذَلِكَ دَمْعِي عَلَى أُمِّ فَحْلٍ تَرَاهُ شَظَايَا وَ لا تخضَعُ...
 
أتَفهَمُ يَا مَنْ سألتَ صَغِيرًا؟
دُموعِي دُمُوعُ كِبارٍ وَ إنِّي (قُرودَ العُرُوبَةِ ) لَا أرْفَعُ.
 
فريد مرازقة
© 2024 - موقع الشعر