كانت الشعر (تفعيلة) - لفى الهفتاء

(1)
نأَتْ مَنْ كانَتِ الشَّعرَ
فَلا دَاعي لبيْتٍ لا وَلا دَاعي لِبَيْتَيْنِ
فإنَّ الشَّعْرَ يُزعِجُني
فقدْ غَيَّبْتُهُ وَجَلاً
إلى أنْ أرْتَمِي في حُضْنِ راهِبَتِي
وأدخلَ ديْرَها المَأْمُوُلَ مُبْتَهِلاً
هُنا دَقَّتْ نواقِيسَاً
هُنا شَبَّتْ فوانِيسَاً
هُنا ذابَتْ شُمُوُعُ الشَّمْعَدَانِ بها
هُنا الكُرْسِيُّ يُوْصِلُنا إلى القِمَمِ السَّمَاويَّة
هُنا كَتَبَتْ قصَائِدَها الغَرَامِيَّة
هُنا الأقلامُ والوَرَقُ
هُنا الإبْدَاعُ والأَلَقُ
هُنا عَادَ الزَّمَانُ بِنَا إلى ليْلَى الأخِيْلِيَّة
 
(2)
هي رِئْمٌ رَمَتْ ليْثاً بِمُقْلَتِها
وما سَنَّ لِرِئْمٍ غَيْرِها يَوْمَاً لتَرْمِيْهِ
 
(3)
أُحَاوِلُ أنْ أُعِيدَ الأمْسَ ثانِيَةً
لأبْصِرَها وأسْمَعَها
وأبْحُرَ عِنْوَةً في بحْرِ عيْنَيْها
وأجْمَعَ ما تناثرَ من ظفائِرِها
وأقْطِفَ حولَ مَنْ بانَ كسَلَّةِ صَارِمٍ هِنْدِيّ
ورُوُدَاً فوقَ خَدَّيْها
وأشْرَبَ كَوْثَراً قدْ سَالَ بينَ الجَمْرِ والبَرَدِ
وأحْضُنَ لؤلؤاً يُثْرِي قلادَتَها
وأحْمِلَ قُرْطَيَاناً بينَ نهْدَيْها
وأقْسِمَ غصْنَها المَغْزولَ من قُطْنٍ
إلى الساقِيْنِ والحِجْلِ
 
(4)
سأصبرُ كيْ أُحَدِّثَها
عن الأشواقِ والوَلهِ
وكيفَ الأمْسُ عَنْها حاربَ قلبي وذاكرَتِي
إذا القُرْبُ أتَى حِلْمَا
إذا البُعْدُ أتَى عِلْمَا
فذاكَ الصُّبْحُ يسْألُني وذاكَ اللَّيْلُ يسْألُني
لِمَ أنْتَ بِلا مَنْ كانتِ الدُّنيا؟
لِمَ انْقَطَعَتْ رَسَائِلُها؟
لِمَ انْقَطَعَتْ هَدَاياها؟
وصَارَتْ مثلَ أحْلامٍ حقيقتُها
أراكَ بعْدَها حَيَّاً وتطْلُبُها
وقلتُ: لا أنا ميْتٌ
فإنْ جاءتْ غدَاً مَنْ كانتِ الدُّنيا
سَأصْبِحُ دائِماً حيَّاً
وأكشفُ ما أُغيِّبُهُ من الشِّعْرِ لِرَاهِبَتِي
وأدْخُلُ ديْرَها المَأْمُوُلَ مُبْتَهِلاً
 
(5)
وهذا كلُّ شيءٍ جاءَ يَنْثُرُهُ
مُحِبٌّ أخطأَ في الحبِّ غيَّاً من حَبِيْبَتِهِ
فهَلْ تأتي وتعْذُرُهُ؟
© 2024 - موقع الشعر