القاصمة / فصيح - فريد مرازقة القيسي

تبًّا لِعَصْرِ براغيثٍ مِنَ الحَشَرِ
لَا هُمْ مِنَ الجِنِّ لَا مِنْ طينَةِ البَشَرِ

تَبًّا لمنْ صَوَّرُوا أقْوالَهُمْ حِكَمًا
وَجُلُّ أصواتِهِمْ تأتِي منَ البَقَرِ

يُبْدُونَ حُبًّا وَ بينَ النَّاسِ هُمْ فزِعُوا
كأنَّهُمْ خُلِقُوا مِنْ تُرْبَةِ القَمَرِ

يلُومُ صَاحِبُهُمْ فِي الفِعلِ سَيِّدَهُ
وَقُدَّ مِنْ قُبُلٍ لَوْمٌ وَ مِنْ دُبُرِ

يَقُولُ ذَا ( الحَنفَكُوشِي) قَولَ مُطْعِمِهِ
يظنُّ أقوالَهُ أقوالَ مُنتظَرِ

وَ ليسَ يدرِي بِأنْ لَا دامَ ناصِرُهُ
وَمَا الذِي قولُهُ هذْيٌ بِمُنتَصِرِ

تِجَارَةُ النَّاسِ لَا بِالقُدْسِ يَا حَجَرًا
يُعَلِّمُ القَوْمَ أنَّ المَاسَ كالحَجَرِ

شَتَّانَ بينَ الذِي مِنْ خلفِهِ نَظَرٌ
وَ بينَ مَا يحجبُ الأنْوارَ عنْ نظَرِ

تعالَ يا قائِلًا قولًا تُرَدِّدُهُ
لَا ليسَ مِنْ فيكَ بلْ مِنْ ثغرِكَ القَذِرِ

أنَحنُ منْ تركُوا أرضًا بِهَا وُلِدُوا؟
أمْ أنتَ مِنْ أجلِ دولارٍ بلا ظَفَرِ

أنَحنُ مَنْ أنفُسَ العُذَّالِ نُلْهِبُهَا
حتَّى نرَى فِي عِراكٍ إخْوَةَ القَدَرِ؟

الجمْ غْرُورَكَ مَا الأضْوَاءُ دَائمةٌ
فَلَا دَوَامَ لِكِبْرٍ زَائِفِ الصُّوَرِ

يَهْجُوكَ شِعْرِي وَريحُ الذُّلِّ يخنُقُهُ
وَ ليتَهُ مَا هجَا كَلْبًا بِلَا بَصَرِ

حتَّى الحروفُ أبَتْ أنْ بَعدَ رِفْعَتِهَا
تَغدُو هجَاءَ خَسِيسٍ تافِهِ الأَثَرِ

يَا مَا رعَاكَ إلَهُ الكَوْنِ صِرْتَ علَى
أبْصَارِنَا ثِقَلًا فلْتَمضِ وَاسْتَتِرِ

لَا دامَ عِزُّكَ فِي دارِ الجَزِيرَةِ أوْ
دَامَ انتشَارُكَ فِي مَعْمُورَةِ الجُزُرِ

لَوْ كنتَ حَقا أَبيًّا مثل ما زعمُوا
لكنتَ مُخْتَفِيًا فِي أعمَقِ الحُفَرِ

إنَّ الشهَامَةَ إنْ عَقَّبْتَ مُعْتَذِرًا
أنْ لَا تَعُودَ لِنفْسِ الذَّنبِ وَالكَدَرِ

(مَبْطُوحَةٌ... ) قُلْتَهَا ثُمَّ اعتَذَرْتَ
وَجِئتَ اليَوْمَ تُلقِي عَلَيْنَا لَوْمَ مُفْتَخِرِ!

وَاللهِ ما أفسَدَ الدُّنيَا برُمَّتِهَا
إلَّاكُمُ يَا عَبِيدَ الخَمْرِ وَالخُمُرِ

فِي عُرْفِكُمْ مَنْ يقُولُ الحَقَّ مُفْتَخِرٌ
وَتاجِرٌ بِقضَايَا البَدْوِ وَالحَضَرِ

وَ إنْ غدَا صامِتًا فالخَوْفُ مِلَّتُهُ
يبِيعُ صمتًا ليُمسِي فِي الحياةِ ثرِي

لَا الصَّمتُ أعجَبَكُمْ لا القَوْلُ أعجَبَكُم
لا الفِعلُ أعجَبَكُمْ لَا مَوْتُ مُنتَحِرِ

أنتُمْ فقَطْ زُمرَةُ الأخيارِ حينَ أسًى
أمَّا سِواكُمْ فَهُمْ ضَربٌ مِنَ الخَطَرِ

فِي كُلِّ ميعَادِ فَخرٍ جِئْتَ تُزْعِجُنَا
وَ لَيْسَ يُزْعِجُنَا تغرِيدُ مُؤتَمِرِ

نحْنُ الأُبَاةُ وَهذَا الكَوْنُ يعرِفُنَا
وَيَعلَمُ اللهُ مَا تُخفِيهِ مِنْ شَرَرِ

غَدَوْتَ شَيطَانَ إعلامٍ لَهُ ذَنَبٌ
وَهَمُّهُ لَهَبٌ فِي الأرضِ وَالشَّجَرِ

تَبًّا لكلِّ دَنِيءٍ عاشَ مُنبَطِحًا
فإنْ علَا شَأنُهُ بِالكِبْرِ يَنفَجِرِ

© 2024 - موقع الشعر