حماة - حيدر شاهين أبو شاهين

قَد رُحْتُ أَشْكُو لِلطَّبِيبِ جِرَاحِي
وَعَنِ الْمَذَاقِ الْمَرِّ فِي أَقْدَاحِي

وَعَن الْحَيَاةِ وَكَيْفَ أَضْحَت مَرَّةً
مِنْ بَعْدِ أَنْ هَجْرَ الْهَوَى لمراحي

وَعَن السُّويعاتِ الَّتِي تَمْضِي كَمَا
دَهْرٍ إذَا مَا رافَقَت أتراحي

وَكَأَنَّهَا دقَّاتُ قَلْبِ مَصَارِعٍ
تَغْدُو إذَا مَا قَابَلَت أفراحي

وَعَن الْوُرُودِ وَحُسنِهَا كَيْف اخْتَفَى
ضَوْعٌ لَهَا من دُنيَتي وصَبَاحي

وَعَن الطِّيُورِ وَكَيْفَ غَادَرَ مَسمَعي
تَرنِيمُها وَغَدا بِهَا كَصِياحِ

فَبَكَى وأبكاني وَصَار بُكَاؤُه
يَعْلُو بِآلامي وَزَادَ نُوَاحِي

وَرَنا إلَيَّ وَقَالَ لِي مِنْ أَيْنَ أَنْتَ
أَتَيْتَ قُلْ يَا فَاتِقَاً لِجِراحي

فَأَجَبْتُهُ أَنَا مِنْ سَلَميَةَ قَالَ لِي
هَوَنتَها لِي فَانْتَظِر إفصاحي

وَرَأَيْتُه قَد خَطَّ لِي راشيتَّةً
مُتَبَسِّمًا وَرَمَى بِهَا لِجناحي

أَعْطَانِي إيَّاهَا وَأَرْدَف قَائِلًا
خُذْهَا وَنَفَذ مَا بِهَا يَا صَاحِ

هَذَا دواؤك إن رَغِبْت فَإِنَّهُ
يَشْفِيَكَ مِنْ سَقَمٍ وَمِن أقراحِ

إنزل حَمَاة وَزُر بِهَا روضاتَها
وَأَنْعَم بِفَيْضِ جَمَالِهَا الفوَّاحِ

واروي مِنْ الْعَاصِي ظماك وَكُلَّمَا
عَطِشَ الْفُؤَادُ سَقَيْتَهُ بِالرَّاحِ

وَتَخَيَّرِ الْأَصْحَابَ مِنْ أبنائِها
وَانْعَم بِرِفقَةِ صُحْبَةٍ أقحَاحِ

وَأَعِد لذوقِكَ طَعْمَهُ مِنْ زَوْجَةٍ
حَمَوِيَّةٍ أَشْهَى مِنْ التُّفَّاحِ

تُغنِيكَ مِنْ عَسَلِ الْكَلَامِ بِغُنجِها
فَهَوَاكَ لَن يُغْنَى بِغَيْرِ مِلَاحِ

فَحَمَاةُ هِيْ أَصْلُ الجَّمَالِ وَحُسنُهَا
لَك كَالرِّياحِ لِدَفَّةِ الْمَلَّاحِ

وَحَمَاةُ هِيْ خَيرُ البِلَادِ وَزَينُهَا
عَبرَ الزَّمَانِ وَواحَةٌ بِبِطاحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بقلمي حيدر أبو شاهين

© 2024 - موقع الشعر