القصيدة الزبيدية في مدح خير البرية - عبده فايز الزبيدي

يَا ذا الَّذِي بَزَّ الشُّمُوسَ ضِيَاكَا
وَسَمَوتَ حَتَّى مَا تُطَالُ سَمَاكَا

هَذِي النُّبُوَّةُ أَنْتَ مِسْكُ خِتَامِهَا
والله ُ صَانَكَ قَبْلَهَا بِصِبَاكَا

البَدْرُ يَجْرِي في جَبِيْنِكَ نُورُهُ
والمِسْكُ عَرْفُكَ جَلَّ مَنْ أَنْشَاكَا

وَنَشَأتَ فِي يُتْمٍ وَرَبُّكَ كَافِلٌ
والله ُ عَنْ فَضِلِ الوَرَى أَغْنَاكَا

الصِّدْقُ لَفْظُكَ والأمَانَةُ كَسْبُكُمْ
والبِّرُ سَعيُكَ والنَّدَى كَفَّاكَا

الكُلُّ يَعْرَفُ صَدْقَكُمْ وَ وَفَاءَكُمْ
إِنَّ الَّذَي سَوَّاك َ قَدْ زَكَّاكَا

والله ُ قَدْ أَلْقَى عَلَيْكَ مَحَبَّةً
وَبِهَا أَحَبَّكَ كُلُّ مَنْ لَاقَاكَا

الصَّادِقُ البَّرُ الأمينُ نُعُوتُكُمْ
والحَاشِرُ المَحمُودُ مِنْ أَسْمَاكَا

حَتَّى بَلَغْتَ الأربَعِيْنَ وَ إِنَّهَا
سِنُّ النُّبُوَّةِ والنَّدَى نَادَاكَا

فَأتَاكَ جِبْرِيلُ الأمِيْنُ بِمِنْحَةٍ
فِي خَيْرِ غَارٍ والهُدَى أَهْدَاكَا

يَا أَحمَدَ الوحيَيْنِ أَبْشِرْ بِالمُنَى
وَ لأنْتَ عِنْدَ اللهِ فَوقَ مُنَاكَا

وَرَجَعْتَ تَرْجُفُ مِنْ شَدِيْدِ لِقَائِهِ
وَالنُّوْرُ يَقْطُرُ فِى ثَرَى مَمْشَاكَا

قَامَتْ إِلَيْكَ جَلِيْلَةٌ فِي قَومِهَا
بِالحُبِّ قَلْبُ خَدِيْجَةٍ وَاسَاكَا

وَتَقُولُ رُشْدًا مِنْ رَجَاحَةِ عَقْلِهَا
تَاللهِ إِنَّ الله َ لَنْ يَرْزَاكَا

يَا حَامِلا ً كَلاًّ وَكَافِلَ قَاصِرٍ
وَ مُعِيْنَ ذَيْ قُرْبَى يَرُوْمُ جَدَاكَا

يَا وَاصِلَ الرَّحِمِ البَعِيْدَةِ بِاللُّهَى
وَالله ِ إِنَّ الله َ لَنْ يَنْسَاكَا

هَذَا ابْنُ عَمِّيَ رَاهِبٌ فِي دَيْرِهِ
وَ لَهُ عُلُوْمٌ قَدْ تُزِيْلُ عَنَاكَا

فَأَجَابَهُمْ فِي فَرْحَةٍ لِسَمَاعِهِ
تَحْقِيْقَ أَحْلَامٍ لَهُ بِرُؤَاكَا

للهِ أَشْهَدُ أَنَّ زَوْجَكِ مُرْسَلٌ
بُشْرَاكِ أَحْمَدُ ، سَيْدِيْ بُشْرَاكَا

هَذَا الَّذَي قَدْ جَاءَ مُوسَى آنِفًا
جِبْرِيْلُ نَامُوْسُ السَّمَا وَافَاكَا

فَاثْبُتْ لِأمْرِ اللهِ يَا خَيْرَ الوَرَى
لا تَحْفَلَنَّ بِهَالِكٍ يَنْهَاكَا

يَا لَيْتَنِي أَحْيَا لَنَصْرِكَ سَيْدِيْ
وَأُكُونُ يَوْمَ خُرُوْجِكُمْ بِحِذَاكَا

فَمَضَيْتَ تَصْدَعُ بِالهُدَى فِي مَكَّةٍ
وَتُزِيْلُ عَنْ قَلْبِ الدُّنَا الإِشْرَاكَا

عَادَاكَ أَقْرَبُ مَنْ يَمُتُّ بِقُرْبَةٍ
لَكُمُ فَمَا عَاقَ العِدَا مَسْعَاكَا

وَصَبَرْتَ صَبْرَ الرَّاسِيْاتِ عَلَى الأذَى
مَا الرَّاسِيَاتُ أَمَامَ مَا آذَاكَا

حَتَّى إذا اشْتَدَّ العَذَابُ بِصَحْبِكُمْ
وَاشْتَدَّ صَبْرُكَ وَالإِبَاءُ مَدَاكَا

شَاءَ العَلَيُّ بِأَنْ تَزُوْرَ سَمَاءَهُ
لِتَرَى حَقِيْقَةَ مُلْكِهَ عَيْنَاكَا

فَتَجَولَ كَالمَلَكِ المُكَرَّمِ جَوْلَةً
فِي فُسْحَةٍ تَنْسَى الَّذِي أَضْنَاكَا

عِنْدَ الحَطِيْمِ أَتَاكَ جِبْرِيْلُ الهُدَى
وَحَشَا فُؤَادَكَ حِكْمَةً وَ حَشَاكَا

فَوْقَ البُرَاقِ سَرَيْتَ أَحْمَدَ رَاشِدًا
وَأَمِيْنُ وَحْيِ الله ِ عَنْ يُمْنَاكَا

وَسَرَى سَنَاؤُكَ فِي الوُجُوْدِ مُبَشِّرًا
وَأَنَارَ وَجْهُكَ فِي الدُّجَى الأفْلاكَا

وَنَزَلْتَ فِى مَسْرًى تَبَارَكَ أَمْرُهُ
فالله ُ بَارَكَ شَامَنَا بِخُطَاكَا

وَعَرَجْتَ مِنْهَا لِلسْمَاءِ مُيَمِّمًا
وَالكَوْنُ بِالذِّكْرِ الجَمِيْلِ حَدَاكَا

وَقَرَعْتَ أَبْوَابَ السَمَاءِ مُسَلِّمًا
والله قَدْ أَوْصَى بِك َ الأمْلاكَا

والْوَافِدُ المَحْمُوْدُ قَامَ يَحُفُّهُ
أَهْلُ السَّمَاءِ وَكُلُّهُم ْ حَابَاكَا

إِدْرِيْسُ قَامَ مُرَحِّبًا بِقُدُوْمِكُمْ
أَمَّا المَسِيْحُ مُنَاهُ فِي مَرآكَا

وَأَخُوْكَ مُوْسَى دُوْنَكُمْ فِي قَدْرِكُمْ
وَكَذَا الخَلِيْلُ فَقَدْ سَبَقَتَ أبَاكَا

هَارُوْنُ يُوْسِفُ صَالِحٌ مَعْ آَدَمٍ
يَحيَى ، الجَمِيْعُ سَعَى إلِى لُقْيَاكَا

وَصَعَدَّتَ حَتَّى قَدْ بَلَغْتَ المُنْتَهَى
والمُبْتَدَا حَيْثُ الَّذِي سَوَّاكَا

فَوَقَفْتَ أَقْرَبَ مَوْقِفٍ مِنْ رَبِّنَا
مَجْدٌ عَظِيْمٌ لَمْ يَنَلْهُ سِوَاكَا

أَدْنَاكَ رَبُّكَ والضِّيَاءُ حِجَابُهُ
فَغَشَاكَ نُوْرُ الله ُ مَا غَشَّاكَا

وَالله ُ قَدْ أَوْحَى إِلَيْكَ كَلامَهُ
فُهُنَاكَ أَحْمَدُ قَدْ بَلَغْتَ هَنَاكَا

لا عَزَّ إِلا َّ قَدْ قَطَفْتَ ثِمَارَهُ
لا مَجْدَ إِلا َّ قَدْ أَخَذْتَ هَوَاكَا

وَرَأَيْتَ رَبَّكَ لا بِعَيْنِكَ إِنَّمَا
رُؤْيَا القُلُوبِ فَمَنْ يَقُوْمُ إِزَاكَا

وَرَأَيْتَ فِرْدَوْسًا وَ كَيْفَ نَعِيْمُهَا
وَ كَذَا رَأَيْتَ النَّارَ وَ الأشْوَاكَا

وَرَجَعْتَ دَارَكَ وَالفِرَاشُ كَحَالِهِ
سُبْحَانَ مَنْ مِنْ بَيْتِكُمْ أَسْرَاكَا

وَحَكَيْتَ أَمْرَكَ لِلأنامِ وَ جُلِّهِمْ
رَدَّ الكَلامَ وَبِالمُشِيْنِ رَمَاكَا

وَسَعَى إِلى الصِّدِيْقِ سَاعٍ عَلَّهُ
يُلْقِي عَلَيْهِ الشَّكَ وَ الإِرْبَاكَا

فَأَتَاكَ خِلُّكَ مُسْرِعًا مُسْتَخْبِرًا
هَلْ قُلْتَ مَا قَالَتْ عَلَيْكَ عِدَاكَا

فَرَوَى لَهُ خَيْرُ البَرِيَّةِ أَمْرَهُ
وَجَوَابُ صِدْيْقٍ صَدَقْتَ بِذَاكَا

وَيَقُوْلُ أَشْهَدُ أَنَّ قَلْبَكَ صَادِقٌ
والحَقُّ قَوْلُكَ يَا جُعِلْتُ فِدَاكَا

مَا دُمْتَ فِي كَنَفِ الإله وَحِفْظِهِ
مَاذَا يُضِيْرُكَ كَيْدُ مَنْ جَافَاكَا

أَرْضَاكَا مَنْ جَافَاكَ قَبْلَ رَشَادِهِ
والكُلُّ بَعْدَ عَدَاوَةٍ صَافَاكَا

كَمْ شَاعِرٍ هَاجَاكَ ثُمَّ هَدَيْتَهُ
فَهَجَا هِجَاءً كَانَ قَدْ هَاجَاكَا

عُرْبًا وَرُوْمًا قَدْ هَدَيْتَ هِدَايَةً
والفُرْسَ والأحْبَاشَ والأتْرَاكَا

فَلَكَ الشَّفَاعَةُ وَاللِّوَاءُ وَ مَوْقِفٌ
بِالحَوْضِ تَسْقِي وَارِدًا وَالَاكَا

وَالجِذعُ حَنَّ لِضَمَّةٍ مِنْ صَدرِكُمْ
والنَّبْعُ ثَارَ مُقَبِّلا ً يُمْنَاكَا

والرَّعْبُ جَيْشُكَ قَبْلَ جَيْشُكَ فِى الوَغَى
شَهْرًا يُقَاتِلُ قَلْبَ مَنْ نَاوَاكَا

وَلَكَ انْشِقَاقُ البَدْرِ لَيْلَ تَمَامِهِ
والصَّخْرُ قَبْلَ رِسَالَةٍ حَيَّاكَا

والأرضُ قَدْ جُعِلتْ لِأجْلِكَ مَسْجِدًا
وَلَكَ الجَوَامِعُ فِي الكَلامِ كَذَاكَا

وَالله ُ أعْطَاكَ الكِتَابَ مُهَيْمِنًا
وَالله أعْطَاكَ الَّذِي أرضَاكَا

حَاشَاكَ لا يُوفِي القَصِيْدُ جَلالَكُمْ
حَاشَاكَ مِنْ زَعْمٍ لَهُ حَاشَاكَا

وَلَرُبَّ دَاعٍ أَنْ يَقَوْلَ بِسُحْرَةٍ
سَلِمَتْ عَلَى هَذَا المَدِيْحِ يَدَاكَا

الشَّهْدُ ذِكْرُ مُحَمَّدٍ وَمَدِيْحهِ
يَا شِعْرُ ذِكْرُ نَبِيِّنَا حَلَّاكَا

شَكْرًا قَصِيْدِيْ قَدْ بَذَلْتَ جُهُوْدَكَمْ
لَكِنَّ قَدْرَ مُحَمَّدٍ أَعْيَاكَا

© 2024 - موقع الشعر