رسالة من أرض السواد

لـ ماجد حميد حسين، ، في الوطنيات، 19، آخر تحديث

رسالة من أرض السواد - ماجد حميد حسين

حمَلَت بَيْن طَيَّات شَفَتَي
رِسَالَة شُعَب الْمُبْتَلَى بالحسرات

لِإِخْوَتِه تناشدوا نَخْوَة
لِمَصِير أُمِّه الْعِرَاق عَلِيّ الْمَقَامَات

هِي قِصَّة صَعْبَة سأرويها
بِمَا جَادَت بِهَا الْأَنْفُس السمات

أَنَا اُبْتُلِينَا مُنْذ قَدِيمِ الزَّمَانِ
بأشرار الْعُصُور راكبي الْحُكُومَات

فَأَيْن الْأَيَّامِ إنْ مَرَّتْ عَلَيْنَا بأفراحها
إلَّا وَالْحَنِين مِنَ اللَّذَّاتِ فارغات

هِجْرَتِنَا أَجْمَل الضحكات
وَسَبَيْنَا بِالْقَنَا والفلات

تقارعنا الْخُطُوب صَبَابَة
لاتميز فِينَا صَغِيرًا أَوْ كبيرات

تَلاحَم الْفِتَن تزاورنا كمثلنا
السَّحْب المثقلات بِالغَيْث محملات

أَرْضَنَا هِجْرَتُهَا أَجْمَل ألسنبلات
وَأَزْهارَها تَقْضِي عطرها ساكنات

الطُّفُولَة فِينَا غَيَّبَت فترانا
بالمهد نهرول لِكَسْب الْخَيْرَات

الدُّنْيَا لِغَيْرِنَا تَزَيَّنَت بِالْخَيْرَات
وَفِينَا تَقَارَع الصَّوَارِم والاسنات

الْمُلَّاك الْمُوَكِّل بِالْمَوْت فِينَا شُغِل
وَانْهَمَك بِتَسْجِيل رَحِيل الفلذات

فرحيل السُّنُون عَنَّا تَمْر كَالْيَوْم
وَفِي غَيْرِنَا تَعُدُّوا مِنْهُم سَنَوَات

مانرى فِي الْأُمَمِ شُعُوبًا
مبتلات إلَّا فِينَا ثكلنا بِالْأَمْوَات

أَي بِالدُّمُوع تُفِيض المحدقات
إلَّا أُمَّهَات الْعِرَاق بالفيض ساكبات

وَأَنَا الْآنَ آتَيْتُكُم أَجْر
أَثْقَال أُمِّه سَاكِنِي دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ

مَا إنْ تهجرنا قِرَاع الْقَنَا
فَتُعَاد لَنَا الردايا بِالْحُمُر صافنات

آتَيْتُكُم وَالْعُسْر مِنَّا لِكَلِمَات
شُعَب تَمَرَّغ وَجْهَه بِالدِّمَاء حِنَاتٌ

فَأَيّ أَمَر مِنْكُم أَنْشَدُوا لتمعنوا
بِمَا تَسَنَّى مِن فيضكم خَيْرَاتٌ

فِي عراقنا صَنَمٌ ذاقنا مَرّ
وَأَطْعِمْنَا الْحِصْرِم وَسَقَانَا السُّبَات

تَضَرُّعَنَا لِلَّهِ أَنْ يُزِيلَ همنا
فبتهلنا لَهُ فَاذْهَبْ صَاحِب العسرات

ثُمّ اُبْتُلِينَا بِجَمْع غَفِير لانميز
الْأَسْمَاء فَلَا نَفَع الدُّعَاء وَالصَّلَوَات

فمصيرنا بِيَد رُعَاة هِبَاتٌ
جُلُّهُم خَطَايَا لايستحوا بَل شَمات

أَن تُمْعِنُوا فِي وَطَنِي تبصروا
أبْرَاج شاهقة وَابْنَيْه عِمَارَات

لَيْسَ لَنَا فِيهَا نَعِيمٌ
بَل مَلَكَهَا يَعُود للصوص الْحُكُومَات

يُحَيِّرُنِي الْوَجْد أَن أنتابني
شَرْح تَرَاهُم بَيْنَهُم تفاهمات

كُلٍّ مِنْ تَرَبَّع عَرْش الْبِلَاد
تربعوا لِجَمْع الْجَوَاهِر وَالْهِبَات

لايريعم بِمَا ابْتَلَى الشَّعْب بالعلات
فَلَا تئنبه مِنْهُمْ مِمَّا أَصَابَ الْمَمَات

فَلَا زَرَع وضرع إلَّا جَفّ وذبل
والرضعان أَصْبَحُوا بِلَا مرضعات

فريع الطُّفُولَة تنأى بالمسببات
لرحيل كَافِل الْأُبُوَّة وَالْأُمَّهَات

شِيب وَشَبَاب مُنْذ الْمَهْد
للكهولة تَرَاهُم أَشْبَاهٌ عرات

غَزَوْنَا مِن عَرَت الْأَقْوَام الْمُنْكَرَات
فضوا الطُّفُولَة وعاثوا بالسبايا حاسرات

جَعَلُوا الْأَقْوَام مِنْ عَرَبٍ وعجم
تَطِيح بالصبايا جِهَاد ناكحات

وَهُم بَيْنَهُم مَنَاصِب يتساومون
بَيْنَهُم بالمناصب وَجَمَع الْهِبَات

فَأَيّ أَنْصَاف نَبْتَغِي مِنْ أُمِّهِ
الْعَرَب بَعَثُوا بالخطوب فِينَا ذاريات

تَحِيَّة لِأُمِّه الْعَرَبِ بِمَا سهبت
نعتم الْعِرَاق وَشُعْبَة بأرذل الصِّفَات

فتذكرونا دَوْمًا بِمَا ذُكِرَ
الْكِرَام غيبنا وشردنا وأصبحنا فئات

فَانْظُر لرجالات الْحُكُومَات يَنْعِق
بِالْإِصْبَاح يَنْشُر أَطْرَف النِّكَات

أَحْدَثُوا بالثروات مضيعات هِبَاتٌ
وَفِيهِمْ مَنْ قَالَ إنْ الْأَمْوَالَ غرقات

فِي رُبُوعِ أَرْضَ السَّوَادِ بزع عَلِمْنَا
وقباب الْأَنْبِيَاء وَالْأَئِمَّة فِينَا رَفَأْت

تسكعوا بِأَرْض الْعَجَم قَبْلَنَا
وَفِينَا أَن سَكَنُوا جعلونا عصات

نهبونا وعاثوا بِالْبَرِيَّة فَسَاد
تَلْبَسُوا بِالدَّيْن وامطرونا بشتى المسبات

حملونا بِسُنِّيّ الْقَحْط وَنَقَضُوا
الْخَيْر وَأَحْدَثُوا فِينَا الناكثات

لمصابنا تَبْكِي الرادفات غَيَّضَا
و الْأَحْزَاب تَضْحَك بِالثَّغْر متشدقات .

© 2024 - موقع الشعر