كوفيدُ رفقاً

لـ نوري الوائلي، ، في غير مصنف، 23

كوفيدُ رفقاً - نوري الوائلي

كوفيدُ رفقاً ما لسيفك ينْحرُ
جُلَّ الرقابِ وبالقصيبةِ ينخرُ

فرّقتَ جمعَ العالمين كأنّهمْ
حمرٌ مُطارَدةٌ وأنت القسْورُ

لم يبقَ فنّانٌ وصاحبُ شهرةٍ
أو لاعبٌ أو واعظٌ أو عسكرُ

لم يبقَ ميسورٌ ومالكُ سلطةٍ
أو كاتبٌ أو منْ يَذيعُ وينشرُ

لا نفع يرجى حين تحْتدمُ الوغى
فسلاحهمْ خشبٌ بنارٍ تسعرُ

لاذوا لحصنٍ كالمُساق لحتْفِه
أملَ النجاةَ وفي الفؤادِ الخنْجرُ

لكنْ تُلاقيهمْ وأنت مُلبّدٌ
بصخورِ سجّيلٍ عليهمْ تمطرُ

جنديُّ لله العظيمِ بأمْرهِ
تختارُ منهمْ ما يشاءُ وتَقبرُ

فأتاكَ بالأكفانِ جيشٌ أبيضٌ
فيه البواسلُ لا تُضامُ وتُقهرُ

عُزُلاً تصدّوا لا سلاح بكفّهمْ
رغم المنونِ من الوغى لم يَنْفروا

خوفاً منَ العدوى العوائلَ فارقوا
لم يلتقوا خلّاً ولمْ يتذمّروا

دخلوا إلى فاهِ الردى كي ينقذوا
منه الضحايا والفكوكُ تدمّرُ

كرّوا بلا هدفٍ يحدّدُ رميهمْ
فالخصمُ عنهم غامضٌ متستّرُ

فاختارَ منهمْ للممات كواكباً
رغم الأفولِ بها الورى تتنوّرُ

هذا قتيلٌ ذاك يلعقُ جُرحَه
والطبُّ حتّى الآن حابٍ يَعثرُ

يبقى جهادهمُ كغيثِ غمائمٍ
يجري مداداً والغمائمُ تكبرُ

ماتوا وقوفاً ما أناخهُمُ الردى
فبقوا إلى الأيثار طوداً يعمرُ

حزني عليهمْ حزن أمٍّ أُثكلتْ
بوحيدها يوم الزفافِ وتنكرُ

كنتم إلى ألمِ الجوارحِ بلسماً
واليوم أنتمْ للمفاخرِ مَفخرُ

أن كان ما تعطي الأجاودُ كثرةً
فعطاؤكمْ في المكرماتِ الأكثرُ

© 2024 - موقع الشعر