لعلّها تراني هُنا - محمد الزهراوي

*** لعلها.. ***
ترانِي هُنا
 
مهْما غابَتْ
قدْ تَرانِي هُنا..
تَراني دمْعة دمْعة.
تَرانِي وَحيداً
معَ الكُتُبِ..
وَحيداً دَوْماً.
وحيداً مِثلَ بحْرٍ
وما تَعِبْتْ
مِنَ الْمُغنّي.
هِي فِيّ مُذْ
كانَتْ في
كُرّاسِيّ الْمدْرسِيّ.
هِيَ فِي شُبّاكِيَ
ومَعي فِي الْمحَطّاتِ
فأيْن أذْهَبُ..
كيْف أُبْعِدُ
النّجْمة عَنّي
أوْ مِنْها أهْرُبُ ؟
لا أعرِفُ
الآنَ عنْها شيْئاً.
وإذْ أراها..
يُزْهِرُ فِيّ اللّوْزُ
وأرى بَهْجَتي.
بِبَسَماتِها الّتي مِن
بُرْتُقالٍ تبْدو مُثيرَة.
أقولُ لكُمْ أراها
فِيَ ولا تسْمعونني
وتعْرِفونَ أنِّيَ
أراهأ تَمْتَطي
مُهْرتَها البَيْضاءَ
وعِطْرُها يَفوحُ
فِيَ بِمَقْهى فِي
الرُّكْنِ الْمُنْعَزِلِ.
أسْمَعُها مِثْلَ هُتافٍ
أُقارِنُها قادِمة فِي
في حالَةِ نشْوَةٍ
مُحَمّلَةً بِالْغِلالِ ..
مزْهُوّة مِثْل صيْفٍ
وبِكُلّ ما أعْرِفُ
مِن الفُنونِ.
تبْدو سَديميّةً في
هَيْأتِها الْملْحَمِيّةِ
لا تُحْدِثُ جلَبةً
وتتَحَدّثُ كَأنّما
بِلا صَوْت.
بِدونِها كيْف أحْيا
أوْ يَعْنيني أحدٌ
سِواها فِي الوُجودِ.
هِي وحيدَةٌ ..
في الْما بيْن
وأُدَخِّنُها كما مِنْ
خِلالِ نافذة قطار.
هِيَ هذا اللاّشيْءُ
اَلأسى الّذي
حفَرتْهُ فِيّ الأيّامُ
بِتَكْشيرَةِ
الْحُبِّ الْغامِضَةِ
فِي خِيامِ الْهَوى
وَزادَتْهُ الأحْلامُ .
وَحيدٌ بِلا اتِّهامٍ
فِي الْبُعدِ وازْددْتُ
نَأْياً فِي اللّيْلِ.
بِدونِهِا لَيْسَ
لِي صاحِبٌ
ولا مَن يَسْألُ عَنّي.
اَلرّخُّ ذاتُه فِي
رُؤْيَتي يَتَعقّبُها
في الأبعادِ
وجَمالُها يُشارُ
إلَيْه بِالْبَنانِ
كما فِي الْمُحالِ.
لِماذا القَلَقُ..
أهِيَ هَمٌّ تَوارَثْتُه
عنْ أجْيالٍ مِن
حُروبِ الأنْدَلُسِ
أوْتَخافُ الظهورَ؟
ومِحْنَةٌ هِيَ أنْ
لا تَحضرني..
وَإنْ فِي الْمنامِ.
تبْدو لِيَ أقْرَبُ
مِن حبْلِ الْوَريدِ.
لوْ كانَتْ دون
الْمُنْتَهى أو
فِي أعْماقِ
الّليْلِ لَزُرْتُها..
ولكِنّها رُبّما
تاهَتْ فِي ضَبابٍ
أوضلّتْ فِي
غَياهِبِ الْمُدُنِ.
فَكُفَّ عَنّي غيلانَكَ
الّتي اعْترضَتْ
عَليّ الطّريقَ إلَيْها
خارِجَ الوَقْتِ أيُّها
الْفَتْكُ أوْ في
زُرْقَةِ الزِّحامِ.
© 2024 - موقع الشعر