رسالة إلى روح البردوني/ شعر: صالح عبده الآنسي - صالح عبده إسماعيل الآنسي

ماذا عسى قد يُمطِرُ الشعراءُ
مِن بعدِ رَيِّكَ؟! فالمسيلُ غُثاءُ

جَادَت بكَ الأيامُ حينَ تصحَّرَت
فينا الحروفُ، وأجدَبَ البُلغاءُ

فأتيتَ فَذَّاً لا يُضاهَى مِثلهُ
عَقِمَت بمثلِكَ أن تجيءَ نِسَاءُ

يا مَن أعدتَ إلى القريضِ جَمَالهُ
فبدا عليهِ - من البَهَاءِ - كِسَاءُ

ونفحتهُ برُؤاكَ مِسكَاً عابقاً
فتضوَّعَت بحروفِكَ الأرجاءُ

يا مُبصِرَ الأدباءِ وحدَكَ أنتَ مَن
سَكَنَ الضِّيَا عينيكَ، لا الظلماءُ

أَبصرتَ ما لم يُبصِروا، قد كنتَ مَن
نظرَ الوُجُودَ، وهُم عليهِ عَمَاءُ

ماذا..أتسألُ : مِن أَكونُ؟! أنا أبي
مَن تيَّمتهُ حُرُوفُكَ الشَمَّاءُ

ما كنتَ صُعلوكَ الحروفِ، بِلِ الذي
ببيانهِ قد أُفحِمَ الشُّعرَاءُ

أغنى وأثرى بالجمالِ وبالرُؤى
لدَوِيِّ صمتِكَ تسمعُ الصَّمَّاءُ

ورَحَلتَ تَبْكِيكَ القوافي لوعةً
يَشتاقُكَ التجديدُ والإضفاءُ

سفرٌ إلى أيامِكَ الخُضرِ التي
في أرضِ بلقيسٍ لها أنداءُ

بمدينةِ الآتي التي استوحيتها
للصبحِ فيها موعِدٌ ولِقاءُ

صنعاءُ ما عادت كما وَدَّعتها
عَصَفت بها مِن بعدِكَ الأنواءُ

زمنٌ بلا نوعيةٍ صارت بهِ
نزلت بها في عصرهِ الدَّهمَاءُ

لا كائناتُ الشوقِ قد عادت لها
كلا ولا أيامُها الخضراءُ

برُواغِها تِلكَ المصابيحُ انطفت
في وهجِهِا - بينَ الدُّنا - صنعاءُ

شعر: صالح عبده إسماعيل الآنسي
© 2024 - موقع الشعر