موسيقي الصَّمت

لـ عمرو العماد، ، في غير مصنف، آخر تحديث

موسيقي الصَّمت - عمرو العماد

كان وحيدًا يحملُ صمتَ الآرضِ ،
يُناجي الموتَ ،
ويَسكنُ ديرَ الروحِ
كان وحيدًا تحتَ مِظلتِهِ
يَتأمل الصمْت ،
ويَتغني لِيُخامش وحشتِهِ
ليعرج في معراج النور ،
إلي بلدِ الراحةِ والنهرِ.
كان وحيدًا يسكنُ رملَ الريحِ
ويسجدُ في ظُلماتِ الرعْد
كان يشدُّ الموجَ الي الموجِ ،
ليصنع من ورق الماء سفينة ،
تعبرُ بِالبحر الي قلب الشاطئِ ،
كي يؤنسَ وحدتَهُ ماء النهْرْ .
واحتضن الموجَ الموجُ ،
وزأر البحرُ ،
وهدر الليلُ
وكان الناتجُ زَبَدًا هشَّاً
لا يقوي أن يعبرَ بين الموجْ .
كان فقيرًا ينبعُ من بئر البوار
كان الشقُّ بِأقدام البحرَ كبيرًا
والظمأُ الأسودُ ينبحُ ،
يلعق ملحَ ثراهْ .
كان الطلُّ لهيبًا ،
والظلُّ يفرُّ
ويَشربُ طمي النهرِ ،
ويلهو وسط حُقول الصهدِ ،
يمدُّ الموتَ كلاليبا
تخطِفُ قلبَ البحرِ ،
تخيم في أروقه المعبدِ ،
تنشرُ خيطًا بين سماءٍ خاويةٍ من همسةِ ضوْءْ ،
وشِراعٍ أقدمِ من قَدَمِ الليلِ ،
تمدِّدَ في سابع أرضِ .
ويَظِل ُّ عَليقَأ من قدميهِ
يأتي الفجرُ
ولا يبصِرُ غيرَ الصمتِ ،
يجيد الموتَ ،
ويحكي عن قبرٍ مظلمْ ،
كان يُعَشَّشُ في عينيهْ .
* * * * *
هتف البرقُ بِبطنِ الأفقِ ،
وجاء النُور مليكًا ،
يلبس تاجَ العِطرِ وهمسَ النجوي
يبصر هذا البحرَ ،
فيخلع ذاك التاجَ
ويسجدُ في رئتيهْ .
يهبط في عينيه الحورُ ،
يغنُّون مواويلَ العشقِ ،
يشدُّون الخيط َ فَينزل من علياء القيدْ ،
تعتدل الدورةُ في دمهِ
يأكل خبزَ البعثِ ،
ويشرب خمرَ الصحوِ ،
نضارة َ أفقٍ أبيضْ .
يتكئ علي سُرُرٍ سوداءْ .
تنبت في عينيهِ الرؤيا ،
يَسْوَدُ جناحاهُ فَيهتفُ :
أين الموج ..... ؟
أين الموج.....؟
أين الموج....؟
قام لِيحكي عن تابوتٍ
في أروقة الحُزن يدورْ .
عن مومياءٍ تخرُج في الليلِ ،
تصبُّ خَناجِرها الساخنة علي سور العينْ .
يسأل سمراءٍ
كانت تروي شجرة النورْ .
عن عذراءٍ
كانت تلد الحبِّ ربيعًا بكرًا ،
ذات عينٍ سوداءْ .
يسأل بعدَ طلوع الفجر عن النجمْ .
يسأل من قتل المومياءَ
وعبرَ السدْ .
من شيَّدَ قصًرا فوق
رَحيل المدْ .
لما وجدَ الصبح أسير الليلْ .
صار عليقًا مِن عينيهْ ..!
***********
عمرو العماد
© 2024 - موقع الشعر