أنشودة القمر - عمرو العماد

وهينٌ غريبٌ بليلٍ عقورْ
تحدي الوجودَ بقلبٍ كسيحْ

يبيت اميرًا بنفسٍ تفورْ
ويضحي اسيرًا بقيد الجروحْ

رأيتُكِ يا نفسُ وسط الغديرْ
تبوحين يومًا لماءٍ طريحْ

فسألت دماءَ عيونُ الخريرْ
وردَّدَ حُزنًا فسيحٌ فسيحْ

رأيتُكِ يا مقلتي في العَمي
تُوالينَ رصد نجوم السما

فصرتِ كحصنٍ قتيلِ الحِمَي
به الدمع يخْبو لتبكي الدما

رأيتُكِ يا نفسُ عند الصباحْ
تثورين والشمسُ تأبي القتالْ

لأنكِ في الوهْنِ زَهْرُ الرياح
وصوتُكِ دونَ الصدي مُستحال

وروحُكِ يا نفسُ شتَّي الجراحْ
وفهْمُ الحياةِ عنيدٌ مُحالٌ مُحالْ

فؤادُكِ طيرٌ ثقِيلُ الجناحْ
يحل تحت سفوحِ الجبالْ

رويدًا ضبابَ النفوسِ العقيمْ
ففي الغاب لحنٌ ووجدٌ قديمْ

رويدًا وهاتِ و ضوءَ النسيمْ
ففي القلبُ شيئٌ عظيمٌ عظيمْ

أتيتُكِ يا غَابتي في المساءْ
وهمسُ الظلامِ عميقُ العيونْ

فطارت حمامةُ سحْرِ اللقاءْ
وغطي الغُرابُ فراقَ السنينْ

وضاقت سماءُ الهوي
بالرجاءْ

فرحتُ أسائلُ ديرَ الحنينْ
وأذكر عهدَ الرضي

و النقاءْ
وجدتُ الحنين

أسير الأنينْ
مضيتُ أُسائلُ دُودّ القبورْ

وألعَنُ عُمرًا بطئُ المرورْ
أفي الموتُ يا دودتي لَمْحُ نورْ

أم الموتُ حزنٌ عميقُ القبورْ
* * *

سألتُ البراحَ
لماذا الوجودْ..

وكيف الحياهُ بقلبٍ فَلاهْ
ورُحت أمزق

صمتَ الورودْ
وأجني غروبَ بلادِ الحياهْ

فهزَّ الفؤادَ نداءٌ بعيدْ
أتي من طريقٍ تسامي ضياهْ

و حلَّق طائر ُنورٍ غَريدْ
فمازج روحي وقلبي غِناهْ

وقفتُ امامكَ سيَّدي
فقُلْ لي لماذا اللظي معبدي

فانك تحْمِلُ علما النَّدي
يُضيئُ البراحَ علي مرصدي

وعندك يا مَأستي جانحانِ
يُطلاَّنِ مِن عالمٍ لا يغيبْ

أراكَ تدق المدي بالحنانِ
وتَسْبَحُ في مهجتي من قَريبْ

فقُل لي بربك أينَ المعاني
بحثتُ وضل فؤادي الكئيبْ

فعانق روحي بكفَّحواني
وحلق يبكي بكفَّ تشيبْ

رويدًا ظلامَ الصباحْ الغريقْ
ففي اللحنِ خِلٌّ عليمٌ رفيقْ

سألتُكَ يا لحنَ عُمري الطريقْ
فَرَدَّ العليمُ : طريقُ الحريقْ

أتَيتُكِ يا رهبةً في الفؤادِ
فقلتِ دواؤكَ عرشُ الغرامِ

عشقتُكِ يا فاتنتي في المهادِ
وذُقتُ خيالَكِ وسط الظلامْ

فما ردَّ جوعي بريقُ المطرْ
وما ذاب عصفي بصدر الوتَرْ

فصرتُ أسيرًا يَفُُكُّ الحَذَرْ
ويَمضي .. لِيُعلِن قتلُ القَمَرْ

© 2024 - موقع الشعر