العدلُ أقوَمُ - حسن الحضري

اللهُ أكبرُ والآياتُ ترتَسِمُ
والدهرُ يجري بما يُبدي له القَلَمُ

العدلُ أقْوَمُ ما تحيا الشعوبُ به
وخيرُ ما رَتَعَتْ في ظِلِّهِ الأممُ

وطاعةُ اللهِ مفتاحُ الرخاءِ، ومَنْ
يُعْرِضْ عنِ الحقِّ يومًا سوف يَنْحَطِمُ

وما بَنيتَ على العصيان مِن عَرَضٍ
وإنْ علا ساعةً لا بدَّ يَنْهَدِمُ

ألا ترى القومَ بعدَ العيشِ في رَغَدٍ
أمسوا ومُلكهمُ بالخزي مرتطمُ

هم شيَّدوا صرْحَ بغيٍ، تحتَه هلكوا
وهم أداروا كؤوسَ الذلِّ تُفْتدَمُ

وهم أعدُّوا لهذا الشَّرِّ عُدَّتَه
واللهُ مِن فوقهم ما فوقه حَكَمُ

قد كان فيمن مضوا مِنْ قبلهم عظةٌ
والدهرُ أصْدَقُ وعظًا لو همُ علموا

لم ينظروا عِبَرَ الأيامِ خلفهمُ
واللهُ يهدي الهُدَى مَن كان يعتزمُ

ألستَ تعلمُ أنَّ اللهَ مطَّلِعٌ
يعفو ويصفحُ أو إنْ شاء ينتقمُ

قد قلتُها قبلُ لولا أنهم غفلوا
عَمُوا وصمُّوا فما تُلفَى لهم هِمَمُ

طافت عليهم شياطينُ الضلالِ فما
عَصَوا وما خالفوها حيث تأتَزِمُ

لو كان منهم بصيرٌ غير ذي وَسَنٍ
لكنْ أبَوا غير كِبْرٍ بات يرتغمُ

فأشعَلوها حروبًا ما لها أمَدٌ
وأطعَموها أناسًا ما لهم حَرَمُ

ألا يرونَ نكالَ اللهِ قد بدرتْ
منه السَّوابقُ فهْي الآن تلتهمُ

اللهُ سنَّ لنا شرعًا وبيَّنه
لمنْ أراد الهُدَى، مِن دونِه الظُّلَمُ

ما كان فرعونُ إلا بالذين هُمُ
قد عاضَدُوه فهُمْ مِن تحتِه خَدَمُ

لو أنهم تركوه دون غايتِه
لارتدَّ عنها بئيسًا وهْو معتصمُ

لكنَّهم أوردوه شرَّ ما وردتْ
به النفوسُ، وحبلُ الغيِّ منسجمُ

هم يمكرون وربُّ العرشِ يمهلُهم
والناسُ في غفلةٍ والخطْبُ مفتغمُ

أيرتجون خلودًا لا أبا لهمُ
والموتُ يحصدُ مَنْ سارت به قَدَمُ

أم كذَّبوا بالذي جاء الكتابُ به
أعني النُّشُورَ، فجلَّ الخَطْبُ والنَّدمُ

لقد رأيتُ عُرَى الأيام واثقةً
والناسُ مِن حولها ما إنْ لهم ذِمَمُ

لقد تكشَّفَ هذا الخطْبُ عن دَخَنٍ
قد كان طَيَّ قلوبٍ حرُّها شَبِمُ

وأصبَح اليومَ كلٌّ يدَّعي شَرَفًا
والأمرُ عمَّا قريبٍ سوف يرتَسِمُ

ثُرْنا لأجْل سلامٍ بات مُطَّرحًا
والحربُ تبدو بَصِيصًا ثم تحتدمُ

ثُرنا لأجْل رخاءٍ ضاع مُذْ زَمَنٍ
فالعيشُ مضطربٌ والصفوُ منعدمُ

ثُرنا لعزَّةِ نفسٍ سام عزَّتَها
قومٌ أباحوا شقاءً بات يلتهمُ

والنفسُ تصبرُ حينًا ثم يدفعُها
إلى الخلاص إباءٌ ليس يرتجمُ

وللأمورِ على علَّاتها حِوَلٌ
لكلِّ داءٍ دواءٌ ثم ينحسمُ

كم ضيَّعوا مِنْ تقيٍّ غيرِ ذي صَخَبٍ
لم يبغِ إلا كفافًا وهْو محتكمُ

كم ضيَّعوا تحت سقفِ الظُّلم مِن خُلُقٍ
وكم أبادوا وكم جاروا وكم أثِمُوا

وكم دعاءٍ عليهم بات يُطْلِقُهُ
قلبٌ نقيٌّ طهورٌ ليس يَجترمُ

قد ضيَّعوا الدِّينَ والدُّنيا فما ربحوا
إلا النَّدامةَ تغشاهم وتصطدمُ

© 2024 - موقع الشعر