سراب

لـ علي بن الساسي كرامتي، ، في الغزل والوصف، 29، آخر تحديث

سراب - علي بن الساسي كرامتي

أكاد أطير من شوقي إليها
و أعبر برزخ البعد المرير

أشقّ بخاطري ما بيننا من
خطى الآماد من قبل المسير

أطوي تحت شرفتها شراعي
و أعقل في مرافئها شعوري

و من شبّاكها الشفقيّ كانت
تلوّح لي بكفّ من عبير

يشقّ سلامها عبق الأقاصي
و يعبر صوتها وجه الأثير

يعانق مسمعيّ ملائكيّ ال
سُّرى كترقرق الماء النّمير

فيغمرني انتشاء في انتشاء
-كما السّكران يطرب للخمور

و أرقبها و كم يحلو انتظاري
بُعَيْدَ الدار أو من خلف سور

و تأتيني يسابقها حنين
إليّ و آيَتَا حبّ كبير

تسير حثيثة الخطوات شوقا
تسايرها أكاليل الزّهور

و تقبل في دلال و اشتياق
تصافحني بكفّ من حرير

يعانق حسنها دنيا فؤادي
و تسحرني بأنسام العطور

و نرحل في غرام مستديم
و نعبر كلّ أرصفة الشّعور

و يطوينا الهوى روحين نهوى
نحلّق في سماه مع الطّيور

تضيق بحبّنا مدن الأماني
ينوء بحمله شطّ السّرور

نجوب شوارع الأحلام قلبا
إلى قلب و عشقا في الصّدور

و نجهش بالهوى و الخطو نار
و نرمي القلب في سِفْرِ القمور

و نرسم فوق جدران الأماني
"وداعا للعذاب و للشّرور"

معا في غوطة الأحلام نلهو
و نحيي موعد الحبّ الأخير

و نجلس فوق جسر النّور نلقي
حصى الأشواق في ماء الغدير

ندلّي فيه أرجلنا حفاة
و نرمي زهر نيسان الغرير

و ننقش فوق خدّ الماء أحلى
حكايا الحبّ في الزّمن القصير

***
***

و ندعو لو يحجّرنا إله ال
غرام و نحن في رَحِم العناق

و لكن كلّ ذاك اليوم ولّى
و لم يتبقّ لي غير الفراق

و شرفتها سباها عنكبوت
و أقفر بعدها درب التّلاقي

غيوم الحزن تشرب من هوانا
وتمطر في تجاويف المآقي

يسيل القلب في لجج المآسي
و يرسو في سفوح الاحتراق

فأهذي باسمها عند انكساري
لعلّ بذكره ألقى انعتاقي

***
***

و أرحل عن تضاريس الخراب
إلى عنقود حزن و اكتئاب

أحاول أن أسافر في سُلُوّ
و أقفل كلّ أبواب العذاب

فلا ألقى سوى الآلام تغزوٍ
مرافئ خافقي من كلّ باب

لأجل براءتي و لحقْنِ طوبى
دمي أمضي معاهدة انسحابي

أوقّع أنّني ما عدت أهوى
و لن أَدَعَ الغرام يزور غابي

فما ذا بعد خيباتي و يأسي
و ماذا غير عيش في سراب

© 2024 - موقع الشعر