ضاع ترتيب الفصول - سهام آل براهمي

وَأمْسيِ كَأنَّ الجَوَّ دَوَّتْ رِيَاحُهُ
عَجَاجًا يَلُفُّ الكَوْنَ لَفَّ اللَّوالِبِ

يُدَغْدِغُ وجْهَ الأرْضِ وهْيَ كئِيبةٌ
يَلاَعِبُ أوراقًا كطِفْلٍ مُشَاغِبِ

وشَارَكَ لَيْلَ النَّاسِكِينَ صَلاتَهُمْ
لِتَعْجِيلِ قَطْرٍ باردٍ منْ سَحَائِبِ

سَأَلْتُ فُصُولَ العَامِ كَيْفَ تَبَدَّلَتْ
وأَلْبَسَتِ الأحْيَاءَ لَوْنَ الشَّوَاحِبِ

لِماذَا طِبَاعُ الجَوِّ شَذَّتْ وَسَيْطَرَتْ
بِقَرٍّ وحرٍّ واضْطِراَبِ المَنَاصِبِ

فما عاد وَصْفٌ للخَرِيفِ وما اهتدَى
شِتَاءٌ بِوصْلِ الغَيْثِ غَوْثَ المُطَالِبِ

وَما للرَّبِيعُ البَاعِثِ الْجَوَّ نَشْوَةً
بِبَسْمَةِ فَلاَّحٍ ونَسْمَةِ خَاصِبِ

تلَقَّفَهُ الصَيْفُ المُطَرِّزُ ثَوْبَهُ
جَفَافًا ،صَفَارًا...فِي بِقَاعِ الغَرَائب

أجَابَتْ بِلَوْمٍ حَمَّلَتْهُ سَمُومَهَا
تَلَتْهُ غُيُومًا ، فَوْقَ رَعْدٍ مُعَاتِبِ

لِمَ اللَّوْمُ يا عَبْدًا غرِيبًا تَوَحَّشَتْ
بِهِ الرُّوحُ ، والأضْدَادُ عُرْفُ المَقَالِبِ

ألا تَعْلَمُ الأسْبَابَ والهَرْجُ صَاخِبٌ
وَأَلْهَى صَدَى التَّهْرِيج سَيْرَ المَرَاكِبِ

تَحَدَّيْتَ حَدَّ اللهِ والحَقُّ بَيِّنٌ
تُجَاهِرُ بالعِصْيَانِ جَهْرَ المُحَارِبِ

قَلَبْتُمْ مَوَازِينَ الحَيَاةِ بِصَفْعَةٍ
فَجَارتْ عَلَى الأقْسَاطِ جَوْرَ المُرَاغِبِ

جَنَيْتُمْ عَلَيْنَا مِنْ مَساوِي ذُنُوبِكُمْ
وحَمَّلْتُمُ الأيَّامَ سُوْءَ العَوَاقِبِ

سَأَلْتُ : وَمَا ذَنْبِي أَنَا فِي سِيَاقِهِمْ
أَلَا تَعْلَمُ الأجْوَاءُ أَسْمَى مَنَاقِبِي

أنَا التَّائِبُ القَوَّامُ للحَدِّ حَافِظٌ
أَنَا الثَّابِتُ الأوَّابُ عِنْدَ المَصَائِبِ

أَجَابَتْ: ومَا ذَنْبُ الفُصُولِ بجُرمِكُمْ
إنِ الْحُكْمُ إلا مِنْ سِجَالِ التَّجَارُبِ

فجَوِّي بِحَالِ النَّاسِ إسْقَاطُ رُؤْيَةٍ
كَتَفْسِيرِ آَيَاتِ المَقَامِ المُصَاحِبِ

وَمِنْ جِنْسِ، أعْمَالِ العِبَادِ فُصُولُنَا
تَقُومُ وَمِنْ كَسْبِ الأَيَادِي عَوَاقِبْي

وَ هذَا فَسَادُ البَرٍّ والبَحْرِ...!زَيْغُكُمْ
فَذوقُوا بِمَا تَجْنِيهِ كَفُّ المَتَاعِبِ

فلا زَرْعُ بذْرٍ يَسْتَقِيمُ بِبُرْعُمٍ
ولا جَنْيُ رِبْحٍ بِالرِّيَاحِ اللَواعِبِ

تُقَلِّبُ خَطَّ الحَرْثِ تُذْرِي حُظُوظَهُ
يُبَاغِتُ حَصْدَ القَوْمِ صَرْمُ الجنَادٍبِ

صَمَتُّ حَيَاءً! غادَرَ السُؤْلُ وانتَهَى
وَسَادَ سُكُونٌ بَعْدَ لَوْمِ المُعَاتِبِ

وَأَيْقَنْتُ أنِّي لَسْتُ أَبْعَدَ تُهْمَةٍ
عَلَى فَرْضِ مَا نَحْيَا، وَحَالُ التَّضَارُبِ

صحيحٌ يقَالُ :الحَالُ إنَّ سُدَّ أمْرُهُ
وَغُلِّقَتِ الأبْوَابُ مِنْ كُلِّ جانِبِ

سَتُفْرَجُ إنْ ضَاقَتْ وَأَجْدَبَتِ المُنَى
مَعَ الوَصْلِ بِاِسْتِغْفَارِ رَبِّ الِكواكِبِ

مُطِرنَا بفَضلِ الله في سَاعَةِ الرِّضَا
وَرحْمَته أرْخَتْ غَمَامَ السَّحَائبِ

قَلِيلٌ ، تُرَاعِي الأرْضَ زَخَّاتُهُ علَى
كَثِيرٍ مِنَ الإقْرَارِ ، حَمْدًا لِوَاهِبِ

© 2024 - موقع الشعر