وجه المساء

لـ خالد قاسم، ، في غير مُحدد

وجه المساء - خالد قاسم

لا وجهَ في هذا المساءِ يقودُني
لمَّا مضى وجهُ الصباحِ الأجمَلِ

كلُّ الأحبّةِ قد تَغَيّرَ طبعهمْ
إلّايَ , كيف الآنَ لم أتبدّلِ ؟

نزلوا إلى الدنيا فزادَ غُثاؤهم
وبقيتُ فوقَ الذاتِ دومًا أعتلي

عطّرتُ جلبابَ اليتيمِ بدمعتي
وأخذتُ من عرقِ الأراملِ صَنْدلي

أجَّلتُ أفراحي لطفلٍ قد بكى
وزرعتُ في جوعِ اليتيمِ سَفَرْجَلي

دورانُ أحلامي وأرضُ مسافتي
لَمَّا حَييتُ شعرتُ فيها بمقْتَلي

لِمَ يا بلادَ الحبِّ دربكِ مظلمٌ ؟
هاتي الدروبَ , تَوَهَّجي مِنْ مِشْعَلي

خَنَقوا المسافةَ بيننا يا واحتي
ليكونَ صوتُ الحقِّ صمتَ مُجَنْدَلِ

وَلدتْ دموعُ الحرفِ نارَ قصيدتي !
وأكونُ بين حروفِها كَمُدَلَّلِ

وَجَعُ القصيدِ على شفاهِ المُبْتَلَى
والحرفُ ينمو بينَ صمتيَ , فَيْصَلي

كَثُرَتْ نهودُ الزّيفِ في جسدِ المدى
فجعلتُ من نَهْدِ الأمانيَ مَنْهَلي

ورفعتُ حُجْبَ الثَيِّباتِ ببسمتي
فدموعهنُّ حجابهنُّ المُسْدَلِ

لي من نساء التيه كلُّ حبيبةٍ
لمّا بكينَ وضعتهنَّ بمَخْمَلي

لي طفلةُ الغيماتِ تعدو في دمي
بدويّةُ العينينِ لمّا تنجلي

غطّتْ عيونَ الناظرينَ عَمَايَةٌ
عيني عيونُ الحقِّ عند المَحْفَلِ

ولقد رفعتُ العينَ عن نَزَواتهم
فبقيتُ تحتَ عيونهم كالأعْزّلِ

يزهو تِبَاعًا نجمُ كلِّ حقيقةٍ
ووساوسُ الشيطانِ فيها قد تَلِي

لا صُنْوَ لي إلّا براءة مَقْصدي
وحملتُ حزنَ المُتْعَبينَ المُثْقَلِ

لي مسجدٌ في القلبِ كلّ عشيّةٍ
لأقيمَ في صمتِ الكليمِ تَبتُّلي

واقمتُ في عينِ الكليلِ زعامةً
وزرعتُ في خَمِّ الضغائنِ مَنْدَلي

طلَّقتُ يأسي حينَ ذَوّبني الأسى
لأزوِّجَ الأحلامَ بعدَ تَغَزُّلِ

أنا لم أخامرْ كلَّ قلبٍ مُتْرَفٍ
وكذا أعانقُ كلَّ قلبٍ مُهْمَلِ

بغدادُ تُدخلُني لعمْقِ جراحها
فأقولُ يا بغدادُ غِيضَ المَدْخَلِ

ودمشقُ تَنْقلني لغزَّةَ أختها
فأشمُّ حزنَ القدسِ عند تنقّلي

© 2024 - موقع الشعر