هطول ذاكرة

لـ سليم صابر، ، في غير مُحدد

هطول ذاكرة - سليم صابر

هطول ذاكرة
 
أيا شمعَةً تُراوِدُ الظِلّ
ما بالُ أنْواركِ خافِتَة؟
تَتَمايَلُ سَهْوًا وخَجَلاً
وتُرافِقُ النََفَسَ والسَأمَ
أيا سماءً تلْتَئمُ والغَسَق
ما بالُ شَمْسُكِ تَغِيبُ؟
تَتَباعَدُ أكوانُكِ وتَكْفَهِرُّ
ويبْرقُ فَضاؤكِ ويَرْعُدُ
أيا غَيْمًا سَابِحًا أخْبِرْني
ما بالُ المطَرَ لا يَهْدَأُ؟
تُناجِيكَ القِمَمُ وتَتَلبَّدُ
وتُقَطِّر شُباطَ مع الشتاء
أيا بَحْرًا هادِرًا في اهْتِياجٍ
ما بالُ ألغازكَ المتَواصَلة؟
تَجْري هَوَسًا ونَهْر الجُنونِ
وتَتَلاطَمُ أمْواجُكَ وتَتَوَعَّدُ
أيا ليْلاً يَتَمَنَّعُ
ما بالُ السَّوَاد يَنْتَشِرُ؟
شَريكُ العَتْمَةِ أنْتَ والصَّمْت
تُحيكُ خُيوطَ الوحدة
تُلغي دُرُوبَ الشُّعاعِ
تُغْمِضُ آفاق العين
وتُطْفِئ قَناديلَ السَّهَرِ
أيا عَبيرًا هامِسًا
ما بالُ الوَرْدَة تَذْبُلُ؟
نَذْرُفُ نَدَاها وتَيْبَسُ
تَنْزُفُ بَتَلاتُها في المساء
بلا صَخْبٍ ولا اعْتِداد
ويَضُوعُ شَذاها في الأرْجاء
أيا رَوَابي الفِكرِ مَهْلاً
ما بالُ القَلْب يُعانِدُ؟
زَمْهَريرُ الرِّياحِ يَتَجَدَّدُ
وهو ينْبُضُ بلا أمَلٍ
يُسافِرُ على بِساطِ الأحْلامِ
يُعانِقُ الأماني
والمُخَيَّلة
والصدْفَة
والبَصَر
ويَرْحَلُ في دَهاليزِ الجنونِ
أيا ذاكِرَةً لا تُهادِنُ
ما بالُ أسْرارُكِ تَهْطلُ؟
حاضِرٌ ماضِيكِ ويُمْعِنُ إيغالاً
ولا يَسْتَكينُ
ولا يَرْحَلُ
لا ولا يَتَخَلّى عن الدَّمْعِ
وبالألغازِ يَتَشَبَّثُ
وأنا
والغَفْوَة
والملل
نُعاقِرُ السُّهادَ والسَّهَرَ
نَغوصُ مع الجِراحِ
نُثابِرُ
نُعاتِبُ الأمْسَ
نَسْتَلهِمُ
نُناجي الغَدَ
والضَّوْءَ
والنَّبْضَ
ومع الحُلُمِ نَسْتَرْسِلُ!
© 2024 - موقع الشعر