انْصِرافُ العاشِق

لـ محمد الزهراوي، ، في غير مصنف، آخر تحديث

انْصِرافُ العاشِق - محمد الزهراوي

انصِرافُ
العاشِق
 
لَعلّكِ في اللّجِّ
وَلعَلّكِ في الرّجْعِ
أوْ في غَسَقِ اللّيالي
مَع رُعاةِ العُزْلَةِ .
انْتبَذَتْكِ الآفاقُ..
وَانْتبَذتْكِ الصّحاري
وَالبِحارُ مِثلَ وَشْمٍ .
تصْدُرُ عَنكِ
أحْلامُ النّهارِ
وَكَلامُ الصّنَوْبَرِ.
أرى الْوَقْتَ
عِنْدَكِ أخْضَرَ
وَالظِّلّ نَدِيّاً.
وَلِلْجَميعِ تَهَبينَ
الْماءَ وَالْخُبز..
أيّ امْرأةٍ أنْتِ؟
ها أنْتِ ذي..
غُيومٌ وغُيوم.
انْتَبَذْتُ عُرْيَكِ
كَيْ أرانِيَ أكْثَرَ.
إنّهُ الْوَلَهُ..
فَكَمْ مِنْ سُكارى
بِكِ في جَسَدي!
مَشْهَدُكِ..
نارَنْجَةٌ مُزْهِرَة
ولا نَصّ
أجْلى مِن نَصِّكِ
أمامَ ناظِري!
من أيْنَ لَكِ
بِكُلِّ هذا
الشِّعْرِ والشّجَرِ؟
لا شَيْءَ
يُشْبِهُكِ..
ما مِنْ شَكٍّ.
لَعَلّكِ فاخِتَةٌ..
حانَةٌ بَحْرِيّةٌ أوْ
صَهْوَةُ بُراقٍ.
حتّى أراكِ..
مَحْكومٌ مِنْكِ
عَلَيّ باالسّهَرِ.
إذْ لا أحَدَ أجْدَرُ
مِنْكِ بالنّظَرِ..
أُذَكِّرُكِ بِذلِكَ.
وأحْلُمُ
بِعُرْيِكِ كَالنّهْر.
أنا أدُقُّ..
وَما زِلْتُ
أدُقُّ لأِرى
الصّورَةَ..
جَلِيّةً أمامي
في الْمشيئَةِ.
بِكِ صَبَأْتُ..
إلاّ أنِّ مِنَ
الْمُؤَكّدِ أنِّيَ لا
أعْلَمُ في أيِّ
مَكانٍ هِيَ الصّورَةُ.
أعْني الْمَكانَ
الْمُفْتَرَضَ..
المَكانَ الْعَصِيَّ
اللاّمَوْجودَ حَتّى
في أدْغالِ
الْحَكْيِ وَالأساطيرِ.
أنا خَيْمَةٌ في
البَرْدِ أمْلَتْكِ
عَلَيَّ الرِّياح !
ضَمِئْتُ
إلَيْكِ وَها
هُوَ الْماءُ..
أنا اللُّهاثُ.
فَماذا تَرَيْنَ..
أنا النّسْرُ..
أُحَوِّمُ بَيْنَ
الْبَطْنِ وَاليَدَيْن.
بِلِسانِكِ الْبَعيدِ
الذي كَالخَمْرِ..
وَالنّبيذِ أغْوَيْتِني.
أتَفَحّصُ كُلّ
اللّائي ألْتَقي اُفَتِّشُ
عَنْكِ في السِّرِّ.
ما زِلْتُ أدُقُّ
أتَرَنّمُ بِاسْمِكِ
أدُقُّ عَلَيْكِ
زُجاجَ النّوافِذِ
وَبابَ الْقَصيدَة..
حَيْثُ وَجْهُكِ لِيَ
في اللُّغَةِ والكُتُبِ
مُدُنٌ وَحَدائِق.
أنا أدْلَجْتُ ..
مَعَ الطّيْرِ أُحَلِّقُ
بِكِ في
اللّفْظِ وَالصّورَةِ.
لا نِدَّ لَكِ
في الْكَوْنِ..
نَهْدُكِ
هُرْيُ قَمْحٍ .
وَضِحْكَتُكِ
عِنْدي لُؤْلؤٌ
في الْمَلَكوتِ.
بِلِسانِكِ
كَأفْعى أغْوَيْتِني!
أنْتِ الْيَدُ الّتي
بِالْجودِ أعْرِفُها.
وَأنْتِ الْمَلِكَةُ
الْمَنْعوتَةُ بالْكُلِّ.
في السِّرِّ والعَلَنِ..
أُغَنّيكِ مُنْعَزِلاً وَأنا
أذْرَعُ الْمَوانِئَ أيّتُها
الجُزُرُ..وتَضيقُ بي
دونَكِ الفَضاءاتُ
موغِلَةً في السّطوع.
أراكِ أكْثَرَ..يا
وَطَني وأمْشي
حَذِراً إلى الْماءِ
بِهذا الْحَريقِ.
فكَيْفَ
أطْوي الصّحاري
وكَيف الْوُصولُ
إلى عُرْيِكِ
الْكامِلِ الصّورَةِ.
أراكِ بيْن نِساءٍ
عارِياتٍ في
أرْيافِ الْجُرْح.
أيُّ مَكْتَبَةٍ
أنْتِ أيّتُها
الأُنْثى الْمُبْدِعَة !
أنْتِ عشْتارُ
الْباقِيَةُ..أسْتَسْمِحُ
إذْ تَوَرّطْتُ أثْناءَ
تَسَكُّعي بِرُؤْيَتِكِ
ثَمِلَةً في
الْحانِ الْمُقْفِرَةِ.
أنا خَيْمَةٌ
في الْهَجيرِ..
ضَمِئْتُ
إليْكِ كَثيراً.
أحْفُرُ تَكْويناً
لَكِ في
اللُّجِّ كَصارِيَةٍ.
أُغَنّيكِ مَعَ
مَلِكِ الرّيح..
وَأُرَتّلُك طَويلاً.
أ أَضْناكِ
إليّ الرّحيلُ ؟
أرْنو إلَيْكِ
مِن سِنينَ..
فَكُفّي
عَنِ الْمُجونِ.
تَرْتاحُ روحي
مُمْسِكاً..
بِخَمْرَةِ عِشْقٍ
وَغُنْجُكِ الْبَعيدُ
يُضيءُ اللّيْل !
لي مِن وَجَعِ
غِيابِكِ..
شَكْلُ الذّبيحَةِ.
الطُّيورُ
مِن عَلْيائِها
عَلَيّ تَقَقَعُ..تَفْتِكُ
بي تَتَهادى وَكَذا
الذِّئابُ ..
كَما في الإلْياذَةِ.
فأيّةُ عِزّةٍ لِخَطْوِكِ
عَلى هذا الْقَلْبِ حَتّى
تَصِلينَ كالْهَواءِ
الْحُرِّ مِنَ اللاّمَكان؟
© 2024 - موقع الشعر