راهِبُ النّار

لـ محمد الزهراوي، ، في غير مصنف، آخر تحديث

راهِبُ النّار - محمد الزهراوي

راهِبُ النّار
 
إلى الشّاعر
نِزار قبّاني في
ذِكْراهُ الخالِدة
 
مَضى في
الْمَحْوِ هارِباً..
هُوَ طُيورٌ تُحَلِّقُ
هاجَر إلى أمْكِنَةٍ.
وَلَّى يُريدُ
شَواطِئَ الْمَجْهولِ.
أغْوَتْه عُيونُ الْمَهى..
أضَلّتْهُ الشّموسُ
وأعْياهُ غُنْجُ هِنْدٍ.
كُلّنا يَعْلمُ ما
يُلاقي بِها مِنْ دَنَفٍ.
تاهَ أيها الشُّعَراءُ
يوقِدُ في
البَعيدِ نجْمةَ الغَدِ.
رَكِبَ تمَرُّدَهُ العذْبَ
وَغادرَ إلى مَداراتٍ
أُخْرى مِنْ
نافِذَةِ الْخَلاص.ِ
ذهَبَ في اللاّزورْدِ
يتَفيّأُ القصيدَةَ ويرْسمُ
أحْلامَنا الْغابوِيّةَ
وَالجِرارَ بالكَلِماتِ
وَالقَواقعِ وَالأصْداف.
قدْ هرَبَ في
سُهوبِ العُرْيِ.
اِنْطلقَ رَحلَ
مُلوِّحاً يَمْتطي جُنونَ
الرّيحِ وَالعَناصِرِ ..
ترَك في عُروقي
غيْثاً شارِداً لأِنْهُرٍ بيْضاءَ.
ما أعْظمَ صَهيلَهُ
الْمُعتّقَ في الأبْعادِ.
مَضى راهِبُ
النّارِ مُتَلفِّعاً
بِالعُشْبِ مِثْل نَهْر.
رُبَّما انْكسَرَ أوْ..
توقّفَ يلْعَقُ جِراحَ
كبَواتِنا فوْق حَجرٍ
آخرَ في الكيْنونَةِ.
أو ضاقَ بِنا ذرْعاً في
ليْلٍ لا ينْجَلي فَهامَ
على وَجْههِ يُشاكِسُ
الحورِياتِ..
بِشباك القصيدَة.
تعِبَ النّهرُ..
شيّعَهُ السِّنْديانُ وَالسّرْوُ
إلى الأقاصي صَوْبَ
جِهاتِه الغامِضَة.
الصّوامِعُ هلّلَتْ
والنّواقيسُ أجْهَشتْ
تنْعَبُ افْتِقارَ يَدي إليه.
تَشَرّدَ الصّخَبُ بَيْنَنا في
أشعارِهِ الزّرقاء.ِ
هُوَ الذي اشْتَكى مِنْ
ليْلِنا المُرْعِبِِ.
خَذَلْناهُ في أوْطانِنا
فاسْترَدّتْهُ الصّباحاتُ
وَالشِّعْرُ إلى أنْدَلُسٍ.
امْتَطى بُراقَ الْحُبٍّ
إلى رَحِم الْمُنَى.
لهُ الْحَظُّ..
في كُلِّ مَوْقعٍ.
طوبى لهُ معَ
الْمُخْتارينَ في
الوادي الْمُقَدّسِ.
© 2024 - موقع الشعر