الصّوْتُ والصّدى

لـ محمد الزهراوي، ، في غير مصنف، آخر تحديث

الصّوْتُ والصّدى - محمد الزهراوي

الصّوْتُ والصّدى
 
لقَدْ فضَحَتْ دُموعُ
الْعيْنِ سِرّي
وأحْرَقَني هَواهُ
بِغَيْرِ نارِ .
 
( إبْن الْمُعتَزّ )
 
هُوَ عُرْيٌ..
أنا أفَقْتُ
مِنْهُ وَأرْنو مِنْ
وَراءِ حِجابٍ
إلَيْهِ في الْماءِ.
وَبِمَقْدورِيَ
الاِعْتِقادُ.أنّه.يَهُزُّ
بأعْناقِ الرِّياحِ
وَيُكَلّمُني مِنَ
الْماوَراءِ وكَأنّما
أصابَني مَسٌّ
أوْ أذىً..
أو سَهْمٌ
أُطْلِقَ نَحْوي.
ثَمّة شَيْءٌ صافٍ
يُحيطُ بِالْكُلِّ..
لقَدْ تغَرّبْتُ حتّى
أنْظُرَ إلَيْهِ وأسْمَعَ
أصْداءَهُ الْعالِيّةَ
كنِداءِ طُيور.
أهُوَ وَهْمٌ أوْ
مَجازٌ أوْ..
الصّوْتُ والصّدى؟
فَهُوَ السّحابُ
اللاّمُتَناهي..
الْبَحْرُ الْمُتَحَوِّلُ
لا تأْخُذُهُ سِنَةٌ أبَداً
الْحُلْمُ صيغَ
في مُجَلّداتٍ..
أوِ الْكائِنُ الْحَيُّ
يَمْشي في مَوْكِبٍ
بَيْنَ الْحُشودِ يَحْكي
عَلى مَدى الدّهْرِ
بِلُغَةِ الْغَيْبِ
الْعَميقَةِ قِصّةَ مَلِكِ
الزّمانِ وأخْبارَ
النُّجومِ مِنْ
كِتابِ الأوديسا
الشّرْقِيَّةِ الْكَبيرِ.
بِكُلِّ أسْمائِهِ يَشْغَلُ
سَمْعي أيُّها السّائِلُ.
وَ بِالكافِ وَالنّونِ
يُسْكِرُ الْكوْنَ إذْْ
هُوَ الرّاحُ الْمُشْتَهاةُ
والرّوحُ الشّاعِرَةُ.
يَهَبُ الْغِلالَ..
يَسْقي الْغاباتِ
وَحَيَواناتِها ويَفْتَحُ
أبْوابَ السّماءِ.
مُؤَلِّفُ الْمَعارِفِ..
الْغامِضُ الّذي
أقْرَأُهُ وَحْدي في
الأثيرِ عَلى مَسامِعِ
الدُّنْيا بِالنّظَرِ.
أتَباهى بِهِ أكْثَرَ
مِنْ غَيْري
بِأشْعارِيَ النّهِمَةِ.
فأنا مَسْكونٌ بِهِ
أشُمّهُ عِطْراً..
وأتَشَوّقُ إلَيْه.
أتتَبّعُهُ كَنَجْمَةٍ
وَهُوَ في نَفْسي
وأسيرُ رُؤايَ مِثْل
كُلِّ الْقارّاتِ..
وَكَأعْظَمِ مُدُنِ الْعالَمِ.
يَمْلأُ لَيالِيَ وَنَهاراتي
بِالأضْواءِ لَقَدْ
تَعَذّبْتُ وَأنا
أنْظُرُ إلَيْهِ.
ما زِلْتُ أُواصِلُ
السّيْرَ بِما فيهِ
مِنْ فَرَحٍ وكَدٍّ
ومَعْرِفَةٍ وجَهْلٍ
حتّى أراهُ..
إذْ هُوَ الْواحِدُ
في كُلِّ شارِدَةٍ
في كُلِّ قَطْرَةِ
طَلٍّ وَفي كُلِّ
دانِيَةِ الْقِطاف.
فَكَبِّرْ أنا سَأظَلُّ
بِهِ لاهِجاً..
فَكَبِّرْ بِهِ فبِالتّكْبيرِ
تحْظى بِوِسامِ حُبِّهِ.
وَاخْلعْ نِعالَكَ
قبْلَ أنْ تَلِجَ
بُحورَ هذا الْبَيْنِ
الْمُدْهِشِ وَإلا
أصابَكَ الْعَمى..
خَذَلَك الْعِشْقُ
وَالشّوْقُ وَسادَ
الْعالَمَ الْكُسوف.
هذا مَدىً شاسِعٌ
بِهذا
التّشَكُّلِ الرّحْبِ.
نَهْرُ
هِراقْليطَ
الشّهْوانِيُّ..
فَهُوَ ما يُسْكِرُ.
أشْرَبُ مِنْهُ
ما يَقْتُلُني
وأحْتَرِقُ حُبّاً إلى
هذا التّجْريدِ..
و لِفَقْرِيَ الْمُفْرِطِ
أجِدُهُ فيّ هَمْساً
وَأنا الّذي أعْجِزُ
عَنِ الْعَيْشِ خارِجَ
هذا الشِّعْر.
وإنْ لمْ يكُن..
فَحَسْبِيَ أنّني
مَوْعودٌ بِهِ وحُمْرَةٌ
عَلى خدّي..
مِنْ لوْنِ خَمْرَتِهِ.
مَوْعودٌ يا أنا وَ هُوَ..
جَريمَتي صُحْبَتُهُ.
يَنْفُخُ فِيَّ مِنْ
روحِهِ الْكُلِّيّةِ..
وَيُضيءُ عَلَيَّ الظُّلْمةَ
وَلَوْ في لَحْدي؟
هُوَ ذا أنا تائِهٌ.
خُطايَ الْعُشْبُ
في بَرِّيّةِ عُرْيِهِ
النّهارِيّةِ وأنْسامُهُ
الّتي ما انْفَكّتْ
تَجيءُ تُحَرِّكُ فِيَّ
شَهَواتِ نَفْسِيَ
في تُخومِ
بِحارِها الدّاخِلِيّةِ.
والْمَدى أمامي
أشْرِعَةٌ ورَعْدٌ..
عالَمٌ بِدائِيٌّ أعيشُ
فيهِ وشِعْرٌ واغْتِراب.
حيْثُ أقْطَعُ مَعهُ
اللّيْلَ بِالنّظَرِ وَهُو
خَفِيٌّ عنْ نَظري؟
وَ أميرٌ عَلى أمْري.
© 2024 - موقع الشعر