بيت الجورية - محفوظ فرج

من قال بأنّي سوف أبوحُ لغير المجنونةِ بالحبّ
 
مجنونٌ
 
من قال سيمحو المُتَخيل في السرد
 
بما فعل الطاعونُ المرعب في الطبع الشوكي
 
مجنونٌ
 
من قال بأني سوف ألوذُ إلى سارق فرحة طفلٍ
 
في البصرة أو في الموصل
 
مجنونٌ
 
من قال بأنَّ الكركيَّ القادم من أوديةٍ
 
فينيقية
 
لا يأبهُ في مجرى الزاب
 
ولا يحيي الليلَ على سفح الثرثار
 
مجنونٌ
 
من قال بأن الأم الأكديّة
 
تنسى ما حلَّ بأصقاع (الفيجان) وقد حرثتها
 
مجنونٌ
 
الماءُ أنا يا أماه
 
النارُ أنا يا أماه
 
التربةُ من فيض محبتك الأولى
 
باركها الله
 
فأغدق فيه حنانك
 
كنا نسمع ناقوس الغربة
 
عن بعد حين يُسَفُّ المركبُ في (نهر الوند ) بتيار
 
طيني تومئ حمرته لفراق
 
كانت تلك المجنونة
 
توقد تحت الغرَبِ الجاثم عند السفح
 
نيران العشق الأزلي
 
فيرتدّ الشاطئ
 
يحتضن المحار
 
كان اللون الغسقي الحالم في عينيها
 
يعبر بي بوابات مداخل آشور
 
ألقى تحت ظلال رصيف الآس
 
جنود القصر يحيطون الساحة
 
يوقفني حارس معبد بيت الجورية
 
غادة
 
أقول له قل لوصيفتها
 
( أني قطعة حجر لملمها نهر القاطول
 
كانت كفك في (كرد المعمار)
 
تداعب طين السيراميك
 
تُشكلهُ في هيئةِ وجه )
 
أبصرني جرف نخرته محبة احدى ( الملاّيات)
 
ظلت تنظر في وجه الماء
 
وظل يقبل با طن قدميها
 
يرقى
 
أحيانا يذهله لألأء الساقين
 
يصيرُ حزاماً حتى دواران الخصر
 
فيخذله الجَزْرُ يعود الى أحضان
 
شريعته يرسم أشكال الدوران
 
مهووسا كالعشاق المهوسين بكل جمال
 
يهيم يجذر التوتِ
 
وإذا وَلَّههُ الزيتون تفانى
 
بين شعيراته
 
وحين يغازله النارنج يغيب
 
عن الوعي ويرخي رقراق
 
نميره
 
أتذكر أني كنت رأيتك في ( شحات )
 
على كتف الجبل الآخضر
 
تحت صنوبرة جمعتنا منفردين
 
عن العالم
 
جلسنا نتساءل كيف أعاد الرومان
 
قلاع اليونانين وقد دمرها الزلزال
 
تلك شقوق رتقها فنان بنقوش كنسية
 
قلتِ ولكنْ كل بهارج هذا المرمر
 
ليست أجمل من هذا الطين الاحمر في أفريقيا
 
ليست أجمل من جسدي الاسمر
 
حين تعانقني
 
في عينيك ملامح درنة والبيضا
 
وسواحل سوسة
 
و الدنيا في كل مفاتنها بين يدينا
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
محفوظ فرج
© 2024 - موقع الشعر