رسالة إلى ابن زريق البغدادي - لطيفة حساني

حدّثْتني بإماءٍ كدت أسمعُهُ
لا تعذليه فإنّ العذلَ يولعُهُُُ
 
كيف المنام وكيف اللّيل تهجعُهُ
والجفنُ مِنّي لكفِّ السُّهْدِ أودِعُهُ
 
مسافرَ العمر قد خلفتني وطنًا
محاصرا كل ما في الأرض يقمعُهُ
 
يا موطن الروح هذا الكون أجمعُهُ
مدى غيابك قد ضاقت مواقعُهُ
 
لومي وعتْبي لأمر قلت ينفعُهُ
وكي تكفَّ طريقا كنت تقطعُهُ
 
وهل ذكرت دموعي حينما انهمرت
والعين تنظرُ أيْنَ الحَلّ أصْنَعهُ
 
من فرط هجرك جاش الشكُّ في خَلَدِ
لا ترْقُبيه وخَلّي البُعْدَ ينْفَعُهُ
 
قال الفؤاد لقد زادتْ موَاجِعُهُ
والعقل قال غدورُ الطبعِ خادِعُهُ
 
فلست أعلم هل أصغي لعاطفتي
أوأسمع العقل إن زادت موانعُهُ
 
إختار هجْرَهُ لم يسْمَعْ لحائرة
لمَ الجريحَةُ بعْد الهَجْرِ تَسْمعُهُ
 
رحيلُهُ ألمٌ في الرّوع موقعُهُ
يمزق الشّوق والذّكرى ترقّّعُهُ
 
بان الدّيار وجاب الأرض منفردا
وفي مدينة أحلامي مرابعُهُ
 
رغم النّوى رغم حزني لست ناسية
من يرتضي الموت لكن لاأودِّعُهُ
 
له بقلبي عهودٌ كنْت أحْفَظُها
ولي بقلبه تذكار يُضَعْضِعُهُ
 
وكيف أنسى وأسلو حبَّه أبدا
وهْوا لمسيطر في الإحساس يقبَعُهُ
 
إيهٍ فيا ليته ماكان مرتَحِلا
ويأخذ القلب لا ينأى ويُفجِعُهُ
 
أحبّه لو كؤوس الكون قد مُلئتْ
مرارة وعذاب الموت أجْرَعُهُ
 
ودّعته وبقلبي ألفُ أمنية
وألف حلم بناتُ الصّبر تصنَعُهُ
 
يبقى الرجاء برغم الحزن يتبعني
والحلم ظِلٌّ وراء القلب يتبعُهُ
 
كنا نبعثر في الآتي تصوّرنا
وراحة الوقت بالإخلاص تجمعُهُ
 
علّ الليالي التي شدت رواحلهُ
إلى حمانا بركب الشوق ترجعُهُ
 
إبن الزّريق أذبت الروح من ألمٍ
سرى بوجدانيَ المجروح يولعُهُُُ
 
عد والبسيطة والدنيا بزخرفها
فداك والعمر والإحساس أجمعُهُ
 
لطيفة حساني
© 2024 - موقع الشعر