رحلة الصوفيّ الأخيرةُ إلى غزة - أحمد بشير العيلة

رحلة الصوفيّ الأخيرةُ إلى غزة
بعد اغتراب دام 44 عاماً عن الوطن
شعر/ أحمد بشير العيلة
 
أعيدُ الروحَ للأسماءِ في لغةٍ تحاورني
وأرمي البرقَ في شوقي
ولا وعدٌ يسامرني
أنادي الريحَ
أبعثها
لأغصانٍ تحاصرني
وغزةُ ترفعُ الأشجارَ في قلبي وتأسرني
يعود الشعرُ للعشاقِ
مجنوناً
هنا في غزةَ انهارت صوامعهُ
يجيدُ القصفُ وصفَ الروح لو سقطت عمائرُها
فأسمعُ صوتَ صوفيٍّ
يحاورُ زهرةَ الليمونِ أن تبكي
فيجهش في الحوار هواهُ
والأسماءُ راياتٌ على قطبيه
يكتبها على الجدران
عرساناً ومفقودين
سياسيين أو شهداء
أو عشاقَ .. أو بلهاء
يعرِّفُ لذةَ الأسماء إذ تُتلى
ويحسبها قناديلاً على الأسوار
يشعلها إذا احتاجت جوارِحُه
يعيد الروحَ للأسماءِ لو عادت إلى غزة
وغزةُ سوف تتبعه إذا عشقت
سيمضي العمرَ صوفياً يفسِّرُ كل هذا الرمز
علامات الهوى احترقت بجمرتهِ
يذوبُ الشعرُ مذهوباً إذا غنى
على سطريْن من نعناع
رصاصُ الأخوةِ الفرقاء أوقفهُ
فقسَّمَ فرقةَ العشاقِ
عشاقاً وعشاقاً
فهذا القوم بكّاؤون من ليلى
وذاك القوم منهارون من ليلى
وليلى لا ترى أحدا.
 
هنا في غزةَ الأقوالُ مثل الجمر
والنظراتُ مثل الجمر
والأفعال مثل الجمر
والنهدات مثل الجمر
لتمشِ بينهم يا قلبُ صوفياً
يدوس الجمر
لتكوِ نبضكَ المسكون بالأسماء
علّق سبحةَ الملكوت قرب المسجد العمريّ
وقل
الله..
قد ألقيتُ أجنحتي على الجميز في غزة
وقل
الله..
أرشُّ العطر في خطواتِ من يأتي إلى غزة
وقل
الله..
احرقْ ذاتكَ العليا
بخوراً في هوى غزة
وقل
الله..
واذرف دمعكَ البلديّ للكونيّ قرب حواجز التفتيش
قل
الله..
اقرأ شعرَ من مروا
ستأتي المجدلُ العليا
لتسمعَنا
وتلقي عند بئر السبع
آهتنا
وقلْ الله .. قل الله
ذاب القلبُ يا صوفيّ
خذ صلصَالها قلباً
وخذ أسماءها درباً لوحدتها
هنا الشهداء يجتمعونَ
لو سمعوا قصائدها
ويفترشون تربتَها
هنا الشهداء يبتعدون لو بعدت قلوبهمو
ويقتربون لو قرِبوا
هنا الشهداء أسمعهم إذا ما حاوروا طيراً
أصيبَ بطلقةِ الفرقاء
هنا الشهداء أرقبهم
وهم يمشون بعد النوم
وفي يدهم شتول اللوزِ
تُصَفُّ على مصالحةٍ تعطرهم
يصيحُ الطيرُ في الأفعال
والأفعالُ أجنحةٌ تقرِّبُهم
أقودُ السربَ يا ليلى إلى لغةٍ تعرِّفني
فهل ترضين يا غزة ؟
بأي رؤىً ستكتملين إن عادوا
سأعرفكم إذا عدتم
أشمُّ مواسمَ الياسمين من ميليْن لو عدتم
أقبِّلُ بهجةَ الأهلين في الخديْن لو عدتم
ونار العاشق الصوفي موالٌ إذا جئتم
محاورةٌ تشد الروحَ
وَجْدٌ جمرهُ .. أنتم.
 
شعر/ أحمد بشير العيلة
بيت حانون 7 مايو 2011
© 2024 - موقع الشعر