شارع زِمو - أحمد بشير العيلة

شارع زِمُّو
شعر/ أحمد بشير العيلة
 
يستيقظُ كلًّ صباحٍ يسقي عصفورين رحيقاً من كفّيهِ
ويعاكسُ إلهاماً لمعَ بعينيّ شاعر
يسرقُ من جيب الشهداءِ مفاتيحَ الجنةِ
إذْ مرُّوا لتحيتهِ عصراً
جمعَ العشاقَ على قصصِ البياراتِ إذا ارتفعتْ
كنبيٍّ يعرجُ للعرشِ
وبكى لما نزفت من ذكراهُ أقاويلُ الشجرِ البلديّ
كان النجمُ العاشقُ
ما إن يأتي من مدن الفجرِ
حتى تتجمّعُ شجراتِ الليمون وتطلبُ منهُ أن يرقص دلعونا
وبكى
يتذكرُ ماذا قالت أعضاءُ الجرافةِ لما عبرته
وتذكرَ ماذا جرفتْ بعد القلب
إيهٍ يا أيام الحمضياتِ
العذرياتِ
المتكئاتِ على كتفيهِ
المرتمياتِ فداديناً تحت الشمسِ
كم غمزَ المجنونُ الحمضياتِ جميعاً
وبكى
قال السكانُ: " هدوءاً يا زِمُّوا"
ينسى السكان ملامح قتلاهم
ينسى السكان ملامحهم
لكنَّ لشارع (زِمُّو) ذاكرةً من زهرِ الليمون
عاد الشهداءُ إليه خريفاً
برسائل حبٍّ من تلك الشجرات
قالت إحداهن:
"نسِيتُ جذوري في قلبكَ يا (زِمُّو)".
فانهارَ المسكين
جاء السكانُ يرشون الماءَ عليه
شهقَ كشهقتهِ حينَ أرادت أن تعبره الجرافة
فتحَ العينين بوجهٍ أصفرَ من صفحاتِ ترابه
مدّ الشهداءُ بقيةَ برقياتِ عشيقاتٍ ولّيْنَ بعيداً
فتحَ الأخرى..
فانهارَ المسكين
كانت من فاتنةٍ تلعبُ ب (الكرفوت) بغصنيْها
وتدلِّي آخرَ فوق ذراعيهِ
ليقبّلها فجراً
آهٍ يا سيدةَ الأشجار
مَنْ قالَ لكِ إني أنتظرُ أميراتٍ غيرَكِ
من قال لكِ إني أحتملُ رحيلَ البيارات
دقَّ السكانُ مساميراً فوقي
صلبوني كي لا أعرجَ معكن لسبعِ سماوات
وضعوا أثقال أنانيتهم فوقي
سحبوني من أطرافي المنغمساتِ بسيرتِكُنْ
وأنا أبكي
أختبئُ بظلِ سحابةِ حزني
وأرشُّ (الحنّونَ) على قدميَّ
لأمشي في قصص الناس نبياً من نعناع
عضّتْ أفعى ساقي ذاتَ نهار
ناديتُ طويلاً
يا شجراتِ الحمضياتِ المشتعلات .....
والبورُ يُردِّدُ آهاتي
يمتصُّ السُّمَ ويبصق فوق ترابٍ أعزلَ إلا من ذكراي
يحملني كل الشهداء على تلك (البورة) كي أشفى
هل أشفى من هذا العشق القاسي؟
فيردُّ شهيدٌ:
هل تقدِر يا شارع (زِمُّو)
أن تسري فوق براقٍ من شجرات
بجناحين خفيفيْن
لتلقاهن ملائكةً
في السطر السابع من أسطورة من مرُّوا
هل تقدِرَ يا شارع (زِمُّو) أن تتبعنا؟
احمل أشعارك واعلو
وانشد ذكراكَ لمن يمشون العصرَ إليك
إنا بياراتٍ ترحلُ في الأذكار
عِدنا يا شارعَ (زِمُّو) أن نكبرَ حتى البحر
عِدنا أن نلمسَ نجماً
طلَّ علينا حين شربنا
أكوابَ عصيرٍ
من عشق الحمضياتِ المنتعشاتِ إذا
ألقيتُ الشعرَ حنيناً أبدياً
في شارع (زِمُّو) .
 
أحمد بشير العيلة
بيت حانون 1/6/2011
© 2024 - موقع الشعر