الشّامُ يا أُمَّ الرَّوائِعِ‏

لـ محمد عدة الغليزاني، ، في غير مُحدد، آخر تحديث

الشّامُ يا أُمَّ الرَّوائِعِ‏ - محمد عدة الغليزاني

عَيْنُ الجمِيْعِ على الشّآمِ لحاجَةٍ
عيني أنا تَبكي الشَّآمَ مُصابا

و يَسِيْلُ دَمْعي مِثْلَ سَيْلٍ جارِفٍ
كَيْفَ الهوى في القَلْبِ صارَ عَذابا

هذي المدِيْنَةُ ما رَأَتْ يَوْماً وَغىً
إلا وُروداً تَرْتَدي أَثْوابا

وعِناقَ أَهْلٍ باختِلافِ مَذاهِبٍ
فلَقَدْ نَسَتْ في نُطْقِها الأَلْقابا

كُلُّ الحضاراتِ التي مَرَّتْ بها
جاءَتْ لها حَجًّا ولَيْسَ إِيابا

يا شامُ يا أُمَّ الرَّوائِعِ كُلِّها
يا مَنْ تُثِيْرُ بعِطْرِها الأَطْيابا

يا مَنْ يُعاقِرُ حُسْنَها نورُ الجما(م)
لِ ليحتَسى منْ سِحْرِه....أنخابا

ماذا أَرى و العَيْنُ تُرْهِقُها الرُّؤى
و لَظَى الدُّمُوْعِ يجَرِّحُ الأَحْبابا

كَيْفَ الملِيْحَةُ لا يُثِيْرُ خمارُها
كَيْفَ الكُرُوْمُ تُقاطِعُ الأَعْنابا

آهٍ على زَمَنٍ كنَارٍ تَأْكُلُ
الأَزْهارَ و الأَشْعارَ و الأَعْشابا

آهٍ على عَرَبٍ رَأَيْتُ طِباعَهُمْ
كضَرائِرٍ في حُبِّهنَّ حَرابى

فلِمَ الجُحُوْدُ و كُلُّ منْ قَبَّلْتِهِ
في فِيْهِهِ صارَتْ لَهُ أَنْيابا

طالَ الزَّمانُ وما تَغَيَّرَ حالهمْ
بعضُ الأَكالِبِ يُصْبِحوْنَ ذِئابا

يا ( أنت ) خُذْ منّي الكَلامَ مُفَصَّلا
مَهْما شَدَوْتَ فلَنْ تَصِيْرَ رَبابا

فدِمَشْقُ لَيْسَتْ طِفْلَةً سَتُخِيْفُها
منْ ذا يخافُ إذا رأى سِنْجابا

فيها رِجالٌ بالنُّهى مَسْجُورَةٌ
فيها نِساءٌ تُثْلِجُ الأَعْصابا

الشّامُ عِطْرٌ في الحَياةِ مُقَدَّسٌ
و الشّامُ لحنٌ يَأْسِرُ الأَلْبابا

و الشّامُ أحلى جَنَّةٍ في أَرْضِنا
أَبَداً...محالٌ أنْ تَكُوْنَ خَرابا

أنا لا أُغازِلُ أَيَّ شَخْصٍ غَيرَها
فقَصائِدي لا تَعْبُدُ الأَنْصابا

مناسبة القصيدة

إن ما يحدث في الشام الآن شيء يثير الأعصاب , و يجعل كل من يحب هذه المدينة المباركة من كل النواحي يتألم سواءً أكان من هنا أو من هناك , وهذا ما يحصل معي بالضبط كما حصل لي مع تونس و مصر و مازال يحصل مع ليبيا و اليمن ,لكن للشام حصة الأسد لعدة اعتبارات لذا فقصيدتي هذه لست أمثل فيها أيّ جهة ولا أدعم أيّ جهة و إنما هي حبة أسبرين أردتها أن تهدئ أعصابي و أن أعانق فيها الشام و ما أحلى أن نعانق حسناءً دامعةٌ عينُها , و أنا أعرف أن أهلها قد يكونون أكثر منّي علما بها أو معرفة بخباياها لكن ليس بالضرورة أن يكونوا أكثر حبّا لها مني , فالحب ليس انتماءاً بقدر ما هو توهان و انجذاب .
© 2024 - موقع الشعر