طفلة الطهر وبعث المشاعر - عبدالرحمن غانم الدوسري

بسم الإله الرب رب العالمين
بسم الذي لا يغفل عن خلقه
مثقال ذرة في السماء
والأرض أبدع خلقها
إياه نعبد نستعين
سبحانه ملكوته
فقد استوى على عرشه
جبروته بالكبرياء
سبحانه الجبار مالك كل شيء
جمعا إليه مصيرنا يوم النداء
 
مرحى بجمع المبدعين الأوفياء
لكم التحية والسلام
 
 
أواه يا صدرًا قتلت السر في عمق المشاعر كيف تنعش دون نسمات الهواء
أفلا ترى الإصباح يوقظه التنفس أم بذلك إدعاء
كلا لعمري أنه الحق المبين من السماء
دعني أناجي من أُحبّ وأبعث المدفون من بئر العناء
 
دعني أخاتل طيفها
بنواظري
فلعلها
يوما تراود نفسها
فتعود تلتحف الرداء
ذاك الرداء المخملي وقد حوى
من تحته سرّ المفاتن كلها
وستحبوَ النسمات خجلى نحوها
لتداعب النثر الحرير فتنعم الذرات في أصل الهواء
ذاك السواد فيا ترى كيف أتى
أفلا نظرت إلى الليالي كيف تحلك عند إعتام المساء !
 
دعني أسارق سُمَّرا
على حين غفلة نُوَّما
رجع الصدى من صوتها
قيثارة
قد زاوجت ناي الحدا
يشدو بألحان الغناء
وسترقص الأطيار في طرب ٍ وتغدو سُبّحا
بل حُمّدا
طوْعا لأمر الخالق الرحمن سبحان الذي هو كافلا أرزاقها
تغدو جياعا خُمّصا
وتعود شبعى بُطّنا
كلأ ً وماء
 
أواه يا صدري لما تحوي مكاتمة المشاعر جلّها
أفلا تغيث ولو بقطر ٍ للملأ
فافعل وكن ذا جود لا تبخل عليهم بالسقاء
كن ذا بواحاً لا تكاتمني التأوّه قد سئمت من العناء
أظهر لهم تلك التي
قد كانت الإلهام في شعري وفي نثري سواء
 
قل أنها ذات الرداء
ذات الصفاء
ذات اكتفاء
قل أنها مقل المها في سحره
وقسيمة الوجه الصباح وفي المساء
 
قل أنها ذات المياسم جيدها صيْد القلوب إلى الفناء
قل أنها الثغر الأغرّ به الندى
والخد برَّاقا يضيء من السناء
 
قل أنها غمست جوارحي في تقى نبع النقاء
قل أنها كل المشاعر دقّها وجليلها
قل أنها لي كالشفاء بقربها
وإن ابعدت صارت حياتي للشقاء
 
أفلا يحق بأن تكون ليا الحياة بقربها
ويكون حبي لأجلها
عرساً تقام له السرادق إحتفاء !
 
قل أنها إشراقة
بزغت تهادن ظلمة الليل البهيم بمقلتي
ليل الشتاء
وهناك في الزمن البعيد يكاد يحرق ذاتها
ألم البكاء
هي طفلة لمَّاحة
غرّ وتثقلها الهموم كسائر الإنس وليست كالنساء
 
 
هي وردة فوّاحة
والعطر فيها معتَّق ومعتَّم
كالخدر يقتل سترها بوح الضياء
أفلا يحق لها بأن تنعت بنعت نقية
وتقية يمنح لها نوط رداء الأتقياء !
 
 
هي صرخة دوّت فزلزت القمم
وتهاوت الهامات في موت السكون فأيقظت
كل البلادة في ضمير الأغبياء
 
هي كل جرح من طعون الغدر والخون الذي
يتربص الطهر بساحات الوفاء
هي كل حرف نازف بالطهر يبكي مبلسمًا
سود الصحائف في قلوب الأشقياء
 
 
هي قبلتي الأولى وقد هتكوا رياض قداسها
من غير ذنب غير أن بها أعابيق ومسرى الأنبياء
فإلى متى ياأمتي
سوف نقامر بالوعود وبالهراء
أنسيتموا جينين أهلكوا حرثها
أخواتها يصرخن من عظم البلاء
طوبى لمن كان شهيدًا في ثراهن
فيدفن ضمن جمع الشهداء .
© 2024 - موقع الشعر