حكاية النيل - هيثم اللحياني

يا نيلُ ما للهوى في القلبِ يَحْتَضِرُ
و ما لعينيْ بَكَى مِنْ دمعها البَصَرُ

أَتَرتَجِيْ بِالْعَمَى لَيلاً يُجَاذِبُها
أطْرافَ موتٍ على الأعيادِ يَسْتَطِرُ

أَوَّاااااااااهُ لو عَلِمَتْ مِصْرٌ بِنَائِبَتِيْ
لَثَارَ أَجْنَادُها لِلْجُرحِ و انْتَصَرُواْ

يا غارقاً في دَمِيْ .. ها أنتَ أُحْجِيَتِي
حَقِيْبَةُ العُمْرِ و الذِّكْرَى وَ مَنْ عَبَرُواْ

حَمَلْتُها بِالأَسَى دَهْراً و ما اهْتَرَأَتْ
حَمَلْتُها وَجَعاً .. قَهْراً .. فَهَلْ أَزِرُ

يَنُوءُ صُبْحِيْ بِها ليلاً إِذِ امْتَلأَتْ
بحزنِ حُلْمِ النَّدَى .. شكراً لِمَنْ غَدَرُواْ

أناْ ابْنُ مِصْرِيَّةٍ .. أَكْرِمْ بِهِ نَسَباً
كَذَا ابْنُ مَرْيَمَ .. إِكْبَاراً إِذا ذَكَرُواْ

أناْ ابْنُ مِصْرِيَّةٍ فخراً أُرَدِّدُهَا
أناْ ابْنُ مِصْرِيَّةٍ .. ما كُنْتُ أَسْتَتِرُ

أنا ابنُ كُلِّ الرِّضَا طُهْراً يُمَازِجُنِيْ
فالرُّوحُ أنتِ و أنتِ القَلبُ و العُمُرُ

ثُلْثَايَ أنتِ و ثُلْثٌ يَصْطَفِيْكِ هَوَىً
بِذِكْرِكِ الَّليلُ و الأوجاعُ تَنْتَحِرُ

و تَحتَ عَرْشِكِ جَدْبُ الصَّبْرِ سُنْبُلَةٌ
و نَحْوَ عَيْنِكِ حَجَّ الغَيْمُ و المَطَرُ

فَقَلبُكِ الرَّوضُ و النَّبْضَاتُ لَيْلَكُهُ
و مَوْسِمُ النِّورِ فِي كَفَّيْكِ و القَمَرُ

أُمَّاااااهُ يا سِرَّ أّشْعَارِيْ و مُلْهِمَتِي
لم يعلمواْ أنَّكِ الأوطانُ و السَّفرُ

أماااااهُ يا لَحْنَ أَوْتَارِيْ و أُغْنِيَتِي
يا وجهَ عِشْتَارَ في الأشْهَادِ مُنْهَمِرُ

لَوْلَاكِ ما كُنْتُ هَدَّاراً بِهِ غَنِمَتْ
كُلُّ الْحُرُوفِ و جَيْشُ الشِّعْرِ يَأْتَمِرُ

ما كُنْتُ أَعْبَأُ بِالْأَقْلامِ تَطْلُبُنِي
حَتَّى تَسَامَتْ بِيَ الآياتُ و الْعِبَرُ

ما كنتُ أدريْ بأنَّ الكَسْرَ يَجْبُرُنِي
و الجرحُ بالجرحِ للآلامِ يَنْتَصِرُ

حتَّى رَأَيْتُكِ فَوقَ الشَّمسِ مَمْلَكَةً
أرواحُ أعدائِها بالغلِّ تَسْتَعِرُ

أَكُنْتِ هَاجَرَ في الوادي بِلاَ أَمَلٍ
أَتَاكِ زَمْزَمُ في نَهْدَيْكِ يَعْتَمِرُ

أَمْ كُنْتُ مُوسى و خوفُ اليَمِّ أَمَّنَنِي
فَحُرِّمَ الْوِرْدُ إِلاَّ صَدْرُكِ النَّضِرُ

ها عُدْتُ أُمَّاهُ مِنْ طُوفَانِ مَنْ كَفَرُواْ
لِتَسْتِوِيْ عِنْدَكِ الألْواحُ و الدُّسُرُ

لَئِنْ تَأَخَّرْتُ فَهْوَ اللَّيْلُ غَرَّبَنِي
و كُلُّ دَرْبٍ لِفرْدَوْسِ الْمُنَى وَعِرُ

يا أُمَّ قَلْبٍ نَمَا فَجْراً بِدَالِيَتِي
هاكِ الحصادُ لعلَّ الذنْبَ يُغْتَفَرُ

© 2024 - موقع الشعر