رسالتي إلى منتظر

لـ فؤاد العاشوري، ، في غير مُحدد، آخر تحديث

رسالتي إلى منتظر - فؤاد العاشوري

أَثْلَجْتَ صَدْرَ الأمةِ البَلهاءْ
بِرَمْيكَ المُحْتَلَّ بالحِذاءْ
مِنَ المُحيطِ للمُحيطِ أُمَّتِي تَراقَصتْ
وَطَبَّلتْ وَصَفَّقَتْ ومَدَّت الأيدي إلى السَّماءْ
تَشكرُ للهِ جميلَ صنعِهِ بِالأمةِ العَرباءْ
وَكَيفَ لا تَشْكُرُهُ
وَهْوَ الذي أَرْسَلَ فيها رَجُلاً
يُحسنُ رميَ النعلِ في الهَواءْ
* * *
بِرميكَ المُحتلَّ بالحِذاءْ
أَفْرَحْتَ في بلاديَ الطُّيورَ في الفَضَاءْ
وَالخيلَ وَالأنعامَ وَالظِباءْ
أَنْعشْتَ كُلَّ نَخْلةٍ بِأرْضِنا
وَقَلْبَ كُلِّ صَخْرةٍ صَمّاءْ
فَابْتَسَمَتْ عُشباً نَدِيّاً نَضِراً،
وابْتشَرَت زَهراً وَعينَ ماءْ
* * *
لاعُجْبَ - يا مُنْتَظَرَ الأَمواتِ – في بلادِنَا
مِنْ أنْ تَسُرَّ نَعْلةٌ، قُلوبَنا
أوْ أنْ تَهُزَّ نَعْلةٌ، مشاعرَالأشياءْ
فَنحنُ شَعبٌ ليسَ في يَدَيْهِ لِلتعبيرِعنْ شُعورِهِ،
شَئٌ سِوى الحِذاءْ
أَوراقُنا مَحروقةٌ
أقلامُنا مكسورةٌ
عقولُنا مَسروقةٌ
وَقولُنا هُراءْ
ماذا عَسانا اليومَ أنْ نَصنَعَ بالهُراءْ؟
* * *
لاعُجْبَ أن تُسْعِدَ شَعْباً بائِساً
نُعَيْلَةٌ تَطيرُ في الهَواءْ
وَأنْ تَسُرَّ أمةً ذَليلةً تَنامُ كالذِّئابِ في كُهوفِها
لاعِلْمَ لا أَخلاقَ لاحَياءْ
كلُّ شعوبِ الأرضِ قد تَنَبَّهتْ، تَيَقَّظتْ
تَحَمَّمَتْ، تَعَطَّرَتْ، وَبدَّلتْ ثِيابَها
كلُّ شُعوبِ الأرضِ قد تَغيَّرتْ، تَعلّمَتْ
تَثقَّفَتْ، وَطالَعت كِتابَها
وَنَحنُ شعبٌ لم نَزلْ نَنامُ في كهوفِنا
نَرفُل بالظُلمةِ والعَراءْ
عُيُونُنا عَمْياءْ
وَسَمْعُنا لا يَسْمَعُ النِّداءْ
وَصَوتُنا أَشْبَهُ بِالعُوَاءْ
غِناؤُنا يَفيضُ بِالبُكاءْ
وَعُرسُنا مآتمٌ تُقامُ لِلعَزاءْ
ذَكِيُّنا، يَضْحَكُ مِن غَبائِهِ الغَبَاءْ
ثَرِيُّنا لاخَيْرَ في ثَرائِهِ
فقيرُنا يَرزحُ تَحتَ وَطأةِ الغَلاءْ
رجالُنا لاتُشبهُ الرِّجالَ في طِبَاعِها
نساؤُنا في الكَهْفِ كَالأَطيارِ في أقفاصِها
يَفعلُ فيها صاحبُ الأقفاصِ مايَشاءْ
يَشْتُمُها، يَضْرِبُها، يَسْحَقُها، يَذْبَحُها
يَصْنَعُ للضيوفِ كُلَّ ليلةٍ مِن لَحمِها عَشاءْ
لا شُكرَ لا احترامَ لِلنَّساءِ في جُحورِنا
لاحولَ لاقُوّةَ للنساءْ
لاشئَ في حياتِنا يَسُرُّنا
حياتُنا مُظلمةٌ سَوداءْ
يَفِرُّ مِن سَوادِها الفَنَاءْ
* * *
تَمّتْ بِحمدِ الله
في 18 من ديسمبر عام 2008
© 2024 - موقع الشعر