دمشق أم الزهور - ماجد الراوي

رُوحي إلى بَلَدِ الزُّهُورِ تَرُوحُ
فَتَضُمُّها في قاسَيُونَ سُفُوحُ

أنا وَمْضَةٌ بِسَما دِمَشْقَ لَبارِقٍ
أنا عَزْفُ نايٍ صَوْتُهُ مَبْحُوحُ

أنا غَيْمَةٌ تَجْتازُ أُفْقَ سَمائِها
وتَرُوحُ يَحْمِلُها الهَوا والرِّيْحُ

بَلْ عابِدٌ تَحْتَ الرِّواقِ مُزَمَّلٌ
ولَهُ بِدَيْجُورَ المَسا تَسْبيْحُ

أنا طَيْفُ شَوْقٍ هائِمٍ بِفَضائِهأ
أو ماءُ قَطْرٍ في الثَّرى مَسْفُوحُ

قَلْبي على الأُمَوِيِّ حَطَّ حَمامَةً
تَهْوي فَتَلْقُطَ حَبَّةً وَتَسِيْحُ

أخْتالُ في سُوقِ الحَميديْ عابِراً
كُلَّ المَفارِقِ في الزُّحامِ ألُوحُ

أقْرا على الحَجَرِ القَديْمِ مُدَوَّناً
سِفْراً بهِ للسَّائِلينَ شُرُوحُ

أبْوابُ فَيْحاءِ المَباهِجِ سَبْعَةٌ
ولِكُلِّ صَبٍّ صَدْرُها مَفْتُوحُ

قَمَرانِ شَدَّاني إلى أرْجائِها
قَمَرٌ ووَجْهٌ كالصَّباحِ صَبُوحُ

تتَعانَقُ الشُّرُفاتُ في حاراتِها
سِرّاً تَكَلَّمُ لا تَكادُ تَبُوحُ

أتَنَفَّسُ الرَّيْحانَ مِنْ أسْوارِها
عَبَقاً تُحَلِّقُ في سَماهُ الرُّوحُ

وأسِيْرُ في طُرُقاتِها عِنْدَ المَسا
وعليَّ مِنْ فَيْضِ الشُّعُورِ مُسُوحُ

يا ذي العِماراتُ القَديْمَةُ شَدَّني
طرْسٌ بِوَجْهِكِ للزَّمانِ فَصِيْحُ

ّلما بَدا المَاضي أمامَكِ ماثِلاً
أمْسَيْتُ دُونَكِ أغْتَدي وأرُوحُ

هذا جَناحي في حِماكِ مُحَلِّقٌ
والقَلْبُ عِنْدَكِ مُوْثَقٌ مَطْرُوحُ

بُورِكْتِ يا شامَ العلا كَمْ أشْوَسٍ
واراهُ في زاكي ثَراكِ ضَريْحُ

للأنْبياءِ بِغُوطَتَيْكِ مَعابِدٌ
للأولياءِ مَعاقِلٌ وصُرُوحُ

يا شامُ يا قَلْبَ العُرُوبَةِ يا سَنا
أمَلٍ تَلُوذُ بِجانِبَيْهِ الرُّوحُ

لوْ كانَ نُوحٌ في السَّفِيْنِ مُخَيَّراً
لَمّا نَجا لانْسابَ نَحْوَكِ نُوحُ

مناسبة القصيدة

ماجد الراوي من ديوانه المطبوع ( طيوف ساحرة ) مدينة دمشق مدينة المشاعر والشعراء فكم تغنوا بحسنها الباهر من امرئ القيس الى البحتري الى أحمد شوقي والياس فرحات وغيرهم وأنا أقدم لدمشق التي عشت فيها مدة طويلة وتآلفت مع أجوائها هذه القصيدة
© 2024 - موقع الشعر