بعض حديث وضوء - أحمد بشير العيلة

إلى روح الكاتب المسرحي محمد إدريس
 
***
 
أتذهبُ ؟!
 
مازالَ في القلب بعضُ حديث ٍ
 
وبضعةُ أنهار لم تكتشفها يداكَ
 
تجمَّدَتِ الآن
 
فانشقَّ قلبي من الطعنِ فيه
 
ألستَ الذي مرَّ قُربي فُراتاً كبيراً من الأصدقاء
 
ألستَ الكيان الذي أشعلَ العشقَ حول المدينة
 
ذات جفاء
 
أيا صاحبي
 
أتيْنا من القحطِ ، كُنَّا سويّاً
 
كُنَّا سويّاً نُلَمْلِمُ أقواتنا من غيوم ٍ بعيدة
 
نُخَلِّطُ نبضي ونبضك
 
نضحكُ ملءَ رغيفٍ من الخبز
 
ارجعْ
 
هناك رغيفٌ تمنَّى نضوجَكَ حوله
 
تمنَّى اتساعَك
 
تمنَّى التمدُّدَ حول دواليكَ ظُهْراً لينضج ،
 
إليكَ خرافاتنا كلها رفقةً للطريق
 
تعالَ لتأخذ آخرَ نُكته
 
وآخر بقعةِ ضوء على ريشِ هذا الغيابِ
 
وهذا الغيابُ
 
غيومٌ حُقِنَّا بها في الوريد
 
يبابٌ عظيم
 
يفتّت أضلاعَنا فوق ملحٍ عقيمٍ لتبتلّ ذاكرةٌ بالمصيبة
 
نواقيسنا اهترأتْ وهي تندبُ فوقي عصوراً من الموتِ
 
غيمٌ نحاسيٌّ تعالىَ وأغلقَ زرقتَنا
 
أصواتُنا شجرٌ يتكدّسُ في عُقْلَةٍ من زجاج
 
وهذي العيون التي تَعْمُرُ الوجه
 
ضوءٌ تَعَضَّلَ مُذ ْ لامسَ الرملَ
 
أين يمرّ انطلاقي
 
وأقدامنا نبتتْ من توتّر
 
من نقطةٍ في الفراغِ ووَهْم
 
وَهْمٌ كياني وصوتي وفكري
 
وهَْمٌ أنا
 
حفيفٌ ضعيفٌ يسيلُ على الأذنيْن ويمضي
 
فيا صاحبي المستمر إلى حيث لا يعلم القلب
 
اصنعْ لنا في زجاجِ ( اْلهُنالِكَ ) وادي انتظارٍ لنهرِ رجوعي
 
هَيِّيءْ لنا قطعةً من حريرٍ تليقُ بروحٍ تلاشتْ أمام دموعي .
 
...
 
تألقتَ فينا
 
تشكّلتَ فينا
 
تدفّأتَ فينا
 
و ( فينا ) التي قد تُحِب
 
مُزَلْزَلَةٌ للنهاية
 
مُمَزَّقَةٌ للألم
 
مُضَوَّعَةٌ للنحيب
 
انسرقَ القلبُ يا صاحبي
 
اصفّرَ عشبٌ على سطح أرواحنا
 
إليكَ نهاري
 
نهاراتُنا كلُّها نجمةٌ للذهاب لبَرٍّ بعيد
 
عيوني تفتّت هذي المشاهد
 
تمزقها إرباً
 
أين أنتَ من الصوت والضوء واللون والذاكرة
 
شروخٌ تُلَفُّ بأعصابنا
 
نضمر ُ
 
تأكلنا قسوةُ البُعْدِ
 
تنهشُنا
 
يا آخرَ الطيِّبينَ انتهينا
 
تركنا العيونَ على آخرِ الكلماتِ
 
فُقِئْنَا
 
فضوءُ الصباح يفيقُ كلَبْلاَبَةٍ زُنِقَتْ في العيون
 
يا آخر الطيّبين
 
مازالَ في البالِ شيءٌ أزيدُ به بسمتَك
 
تعالَ وخذهُ سلاماً وحِنطة
 
فالدَّرْبُ أطول مما تخيلتِ الأمهات
 
ومما توقَّعه الحكماء
 
تعالَ
 
هنا بعضُنا في انتظارك
 
وبعضٌ يعيدون صنعَ نهارك .
 
___________
 
31 /5 /1999
© 2024 - موقع الشعر