حَديثُ الناسِ أَكثُرُهُ مُحالُ - صفي الدين الحلي

حَديثُ الناسِ أَكثُرُهُ مُحالُ
وَلَكِن لِلعِدى فيهِ مَجالُ

وَأَعلَمُ أَنَّ بَعضَ الظَنِّ إِثمٌ
وَلَكِن لِليَقينِ بِهِ اِحتِمالُ

وَكُنتُ عَذَرتُكُم وَالقَولُ نَزرٌ
فَما عُذري وَقَد كَثُرَ المَقالُ

وَقُلتُم قيلَ ما لا كانَ عَنّا
فَمَن لي أَن يَكونَ وَلا يُقالُ

فَيا مَن ضاعَ فيهِ نَفيسُ عُمري
وَقُوِّضَ فيهِ مالي وَالرِجالُ

وَكَم قَد رامَهُ ضِدّي بِسوءٍ
فَراحَ وَآلُهُ في الحَربِ آلُ

سَأَلتُكَ لا تَدَع لِلقَولِ وَجهاً
فَيَكثُر حينَ أَذكُرُكَ الجِدالُ

وَإِنّي مَع صُدودِكَ وَالتَجَنّي
وَفيٌّ لَيسَ لي عَنكَ اِنتِقالُ

أَغارُ إِذا سَرى بِحِماكَ بَرقٌ
وَأَغضَبُ كُلَّما طَرَقَ الخَيالُ

وَأُوثِرُ أَن يَنالَ دَمي وَوَفري
وَمَحبوبي عَزيزٌ لا يُنالُ

لِأَنّي لا أَخونُ عُهودَ خِلٍّ
وَلَو حَفَّت بِيَ النُوَبُ الثِقالُ

وَإِنّي إِن حَلَفتُ لَهُ يَميناً
فَما غَيرُ الفِعالِ لَها شِمالُ

فَيا مَن سَرَّني بِاللَفظِ مِنهُ
وَلَكِن ساءَني مِنهُ الفِعالُ

إِلى كَم أَلتَقيكَ بِوَجهِ بِشرٍ
وَفي طَيّ الحَشا داءٌ عُضالُ

وَأَحمِلُ مِن عُداتِكَ كُلَّ يَومٍ
حَديثاً لَيسَ تَحمِلُهُ الجِبالُ

وَأَسمَعُ مِن وُشاةِ الحَيِّ فينا
كَلاماً دونَ مَوقِعِهِ النِبالُ

وَأُرسِلُ مَع ثِقاتِكَ مِن حَديثي
عِتاباً دونَهُ السِحرُ الحَلالُ

وَمَهما لَم يَكُن في السَيفِ أَصلٌ
لِجَوهَرِهِ فَما يُجدي الصِقالُ

جَعَلتَ جَميعَ إِحساني ذُنوباً
وَطالَ بِكَ التَعَتُّبُ وَالدَلالُ

وَقُلتَ بِكَ اِنهَتَكتُ وَذاكَ زورٌ
وَإِنَّ الزورَ مَوقِعُهُ مُحالُ

فَما نَفعي بِحُسنٍ في خَليلٍ
إِذا لَم يَصفُ لي مِنهُ الخِلالُ

إِذا عَدِمَ الفَتى خُلقاً جَميلاً
يَسودُ بِهِ فَلا خُلِقَ الجَمالُ

© 2024 - موقع الشعر