رحيل طائر - سعد عطية الغامدي

هبي لغدِ الأيامِ سلوةَ عابرِ
وصوغي لريبِ الدّهرِ نجوى مسافر

وبثِّي لصبحِ البين ذكرىا مؤّمل
بطيبِ لقاءٍ، أو بطيفِ تخاطر

ولا تجزعي إن جاوزَ الحزنُ حدّه
فكم تطفيءُ الأحزانَ جذوةُ صابر

وهل تدع البلوى خيالاً لشاعر
وهل تترك الشكوى مقاماً لزائر

تأمّلت بعضَ الناس يدفن بعضَه
وتوقفه الأحزانُ وقفةَ حائر

ويرحل أقوام’‘ ونحن إليهمُ
وماضاقتِ الدنيا بهذي المقابر

ولو لم يكنْ يبقى ويذهبُ بعضنا
لآثرَ منّا البعضُ أدنى المصائر

عزاؤكِ فيمن عز عندكِ فقدهُ:
صنائعُ معروفٍ وحسنُ مآثر

قضى العمرَ فيما ينفع النّاس لم يكن
يتوق لكسب يُجتنىا ومفاخر

وما ضاق يوماً عن "حدود محبةٍ"
ولمسةٍ إحساسٍ ومهوى ضمائر

وكان كما تدرين .. صاحبَ موقف
وصاحبَ رأيٍ في المواقف حاضر

وكان عفيفاً والنفوسُ لها هوى
تَجِلُّ بذي عزمٍ، وتهوي بصاغر

عزوفاً عن الأضواء لكن يضيء في
ذرا كلِّ فكرٍ ألمعيِّ المنائر

عطوفاً على القربى شغوفاً ببرّهم
كصبحٍ نديّ بالبشائر عامر

دعته لدنياها دروب’‘ كثيرة’‘
فآثر دربَ البرّ طابَ لسائر

وخُيّر فاختار الوقوف مع الذي
له حاجة’‘ تخفىا على ذي البصائر

فآثره حباً له وكرامةً
وكم تنقذ الملهوفَ نظرةُ ناظر

وكم تسعدُ المكروبَ دعوةُ صادق
وكم تورث النعمى إقالةُ عاثر

مواقف تبقى إن مضينا وترتجى
على كل حال في جديدٍ وغابر

ومن لم تكن دنياهُ إلا لنفسه
قضى عمره في قطبها المتنافر

ولم يقض مهما عاش منها لُبانةً
ولو عاش في جوّ تفرّدَ ساحر

وما المجد إلا كل معنى ومنطقٍ
رفيعٍ وفعلٍ بالمروءةِ ظاهر

هبي هذه الدنيا رسالةَ مؤمن
وصولة ذي حقّ،ٍ ومهجةَ شاعر

وقولي وداعاً كلما حنْ طائر
لموطنه في موكب من مشاعر

© 2024 - موقع الشعر