أغنيات إلى زينب - عبدالكريم قذيفة

أغنّي لزينب
 
تلك التي اشتعلت بين كل النجوم
 
وتلك التي خطفت من جميع الشواطئ زينتها
 
واستراحت على الرمل
 
مثل عروس على صدرها الأغنيات تحوم
 
أغني لها وأعيد الغناء
 
أعيد النشيد
 
إلى أن أبدد من حولها سرّ هذا الوجوم
 
وزينب قال المغني:
 
الربيع الذي لم تطلْه العيون ُ
 
ولم يلتفت نحوه الانتظار ُ
 
النشيد الذي قاله شاعر مرة
 
ثم أسقطه بين أوراقه . . فطوته السنون
 
وزينب أغنية في الشفاه . .
 
وصفصافة في المهب
 
وأمنية تنحني للصلاة . .
 
وتغريدة المغترب ..
 
* * *
 
وكانت تحدثهم بالعيون
 
وتشرح أحزانها للقوام الذي ينتظر
 
وكانت تعلّم أحلامها
 
كيف يمكنها أن تظل ّ . . ولا تنكسر . .
 
وكانت إذا أبصرت عاشقين
 
بكت
 
وراحت تشْيعهما بالنظر * *
 
وكانت إذا‍ عبرت شارعا . .
 
أشعلت جسمها فتنة ودلال
 
ونادت بهم : هؤلاء الرجال ُ
 
فأين المحبّون . .
 
أين الدموع التي كالمطر ؟
 
أنا زينب الأغنيه
 
أنا آخر امرأة بقيت في المدينة
 
ترثي النساء اللواتي تهدّ من كالأبنيه
 
تأخرت عن رحلة العمر
 
مر الرجال، ولم اختطف واحدا
 
لم أعلق سوى أمنية
 
و ها إنني أطلع الآن من بينكم كالشجر
 
وأدعوا الرجال، جميع الرجال
 
إلى جسد لم يعد ينتظر * *
 
* * *
 
ما الذي تفعل امرأة بالقصيدة
 
أو بقلوب الرجال ؟
 
غير ما فعلت هذه الطفلة / النهر ُ
 
هذي السماء التي نشرت في المدى
 
نجمة وهلال
 
ما الذي تفعل امرأة
 
غير ما فعلت زينب بالرجال . .
 
إنها الطفلة الساحلية
 
تلك التي أخذت كل ما في الشواطئ
 
من فتنة ودلال
 
وتلك التي من ضفائرها
 
تنسج السفن مرساتها
 
ومن صدرها يستضيء الجمال . .
 
* * *
 
ما لذي يجعل امرأة لا تنام . .
 
ما لذي يجعل القلب مرتبكا بين عشاقه
 
هاهي الآن تجفل من بينهم
 
دون أي كلام . . . .
 
وتترك من صدرها سحره الأنثوي
 
ومن قلبها زفرات الهيام . .
 
هي ذي امرأة
 
كلما عبرت شارعا أو زحام . .
 
تركت كل شيء به . .
 
يتذاوب من شوقه للغرام . .
 
* * *
 
وقفت أمها تترقب عودتها
 
وقف الشارع الوطني، الرصيف ، الشبابيك
 
كل هنا واقف في انتظار ..
 
أين كنت ؟
 
أعلت اليتامى، وهدهدت أنفاسهم
 
ثم علمتهم بعض ما علمتني الحياة . .
 
وهذا المسار . .
 
ثم ماذا ؟
 
عرجت إلى جهة كان فيها محبون
 
قد هد هم قلق الانتظار . .
 
فمسّحت من حزنهم، ثم قلت لهم فرحا
 
سيجيء النهار . .
 
ولكن متى متى يا ابنتي ..
 
..متى سيجيء النهار ؟ ؟
 
هكذا يسأل الأبوان . .
 
وزينب قرب الثلاثين أو بعدها
 
أجمل امرأة صافحتها يدان . .
 
إذا عبرت مجلسا
 
تركت بين أحضانه قامة
 
من شذى العنفوان . .
 
وزينب ماذا تريد ؟
 
إنها لا تريد سوى أن يكون لها حبّها
 
سيدا في صنوف الهوى . . ومصان . .
 
إنها لا تريد سوى أن يعود الهوى
 
( مثلما كان ) نافذة للأمان ..
 
* * *
 
إنها تختفي الآن كي لا يراها أحد
 
وكي لا تعذبها نظرة
 
أو لعاب الجموح الذي في الجسد . .
 
إنها تختفي الآن
 
لا تسألوا قمرا هل رآها . .
 
ولا تسألوا أي غصن سواها . .
 
إسألو ا الشعر
 
هل ثمة امرأة قد يغني لها شاعر في البلد
 
هل ثمة امرأة - غير زينب –
 
تلك التي وفقت بين شمس الا له
 
وبين تراب الجسد ؟ *
© 2024 - موقع الشعر