شهيد

لـ حكمت النوايسة، ، بواسطة غادة العلوي، في غير مُحدد

شهيد - حكمت النوايسة

صخرةٌ في المزارْ
جلست أحدِّق في الزّائرين
أُفتشُ عن دمعةٍ لا هيهْ.
تستبيح قرون الزّمانِ...
وتسكن في تيهها لاهِبَهْ.
وحين يَكِلنْي الدُّوار إليْ
أجيء من الأرض محضَ سؤالْ:
علامَ تصافح هذا الضلال
تسلٍّمُهُ حرمةّ الأشرّعهْ؟؟
علامَ وحتّامَ ذا الانحناء لجذع يفتشُ عن أيّ ريحْ؟
علامَ عَشِقْتَ الطيورَ الغوادي وتأْبى ولوجَ الطريقِ المريحْ؟؟
وأنتَ كما أنتَ منذ انهيار الجدارْ.
صخرةٌ في المزارْ
يعابثُها المارق سِراعا
تداعوا جراداً لها كلُّ صوب يبث الجرادْ
يمّرون مَرَّ السحَّابِ فليس سوى كر كرات الجدارْ
ووقعِ ضياعِ خطى الانتظارْ
وأنت المزارُ الذي لا يزارْ
علامَ تحمَّلْتَ بوحَ السَّواقي تُوثِّق في صمتِها الاندثارْ
تفتّشُ في دأبِها عن قرارْ
وأنت قرارُ القرارِ تشظّتْ بك الأمنياتْ
واستراحتْ لديك القوافي
ومّرتْ عليك المواكبُ تترى
ضباباً تراك يُرّطِّبُ من قهرِها المستميتْ
وأنت الضباب الضبيب
لمن يَرسمُ القلبُ فيك المدائنَ تلوَ المدائن والأمنياتْ
وأنت المدائنُ مَرَّتْ عليها الرِّياحْ
رياحُ السموم تسوقُ الهمومَ وتعبثُ فيها البغاةْ.
أحبّاً حفْرتَ بِصَمْتِكَ هذا العَذابْ؟
ولونّتَ بالدمع ليلَ العذابْ؟
وأنت العذابُ الذي لا يُذابْ
تسافر مِلء الصحارى
ظمأ
ظمأْ
ظمأْ
وخلفَ السّرابِ رياحٌ تسوق الغموم
وتمطرُ في اللامكانْ...
رياحُ الحياةِ التي لا تجيءْ
رياحُ الحبيبِ الذي لا يئوبْ
وأنت غبارُ الدروب تسافرُ مع كلِّ ريحْ
غريبَ الملامح بعلاً جريحْ
تسائِلُ صَمْتَ العصافير والأغنياتْ
جفوناً ترى صمتَها ساحراتْ
جنوباً تُسّيِّرُ روحَكَ صوبَ الجنوبْ
وأنت الجنوبُ الذي إن بكى فَدَماً يعتبرْ
ودمٌ في البناء الجديدْ
ودماً كان عيدُ الجنوبِ العنيدْ
تمرُّ بها الذارياتْ
مُباحٌ لها التيهُ في الأزمِنَهْ
بعثرتْني رماداً على موجةِ الزائرينَ
ظمأْ
أُطوِّف بين الجموعِ نشيداً أخيراً.... ويرتدُّ صوتي:
ظمأْ
ظمأْ
ظمأْ
يموجُ المزارُ وتنبعثُ الأرضُ عينَ رمالْ...
هي الأرضُ أمٌّ لها فرحتان:
فرحةٌ في زفاف الشهيدِ وأخرى إذا قَبَّلتْك شهيداً
© 2024 - موقع الشعر