قل هو الجسر - نسيمة بوصلاح

أَنْتِ الَّتِي قَدْ أَوْرَقَتْ أَقْرَاطُكِ
فِي جُبَّةٍ وَمَكَاحِلٍ وَسِوَاكِ

سُبْحَانَ مَنْ وَهَبَ الْجَمَالَ لِصَخْرِكِ
سُبْحَانَ مَنْ بِالسِّحْرِ قَدْ سَوَّاكِ

فَتَمَثَّلَتْ لُغَةُ الغَمَامِ وَأَوْرَقَتْ
هَذِي "الْمَلَاءَةُ" وَ"العِجَارُ" البَاكِي

"الدُّفُّ" لَقَنَنِي الحِكَايَةَ وَاسْتَوَى
مِلْءَ اليَقِينِ وَعَرْشُهُ عَيْنَاكِ

وَ"الحَضْرَةُ" الْمُزْجَاةُ تُنْذِرُ بِالنَّوَى
وَبِحَرْقِ كُلِّ بَخُورِهَا الأَفَّاكِ

لَا لِلْبَخُورْ.. لَا لِلْعِنَايَةِ وَالرُّؤَى
كَفِّي مُضَمَّخَةٌ بِثِقْلِ رُؤَاكِ

الصَّخْرُ سَخَّرَهُ الْحَنِينُ لِمَوْجِكِ
وَالْجِسْرُ يَجْسِرُ هُوَّةَ الأَشْوَاكِ

مَا بَيْنَ عَيْنَيْكِ اللَّتَيْنِ تَنَاهَتَا
وَالقَلْبِ يَعْجِزُ أَنْ يُحِبَّ سِوَاكِ

قَدْ حَجَّتِ الأَلْوَانُ عِنْدَ مُرُوجِكِ
وَالزُّرْقَةُ اعْتَمَرَتْ بِعَرْضِ سَمَاكِ

كَمْ فَارِسٍ عَلَّقْتِهِ جِسْرًا عَلَى
صَخْرِ الغِوَايَةِ عِنْدَمَا حَيَّاكِ

أَجَّلْتِ غَارَتَهُ الشَّهِيَّةَ أَعْصُرًا
وَأَسَرْتِهِ بِقُيُودِهِ وَسَنَاكِ

وَأَذَقْتِهِ طَعْمَ الْهَزَائِمِ "جَزْوَةً"
نَادَاهَا سِحْرُ العَصْرِ إِذْ نَادَاكِ

تَعِبَ الفَوَارِسُ قَامَرُوا بِخُيًولِهِمْ
فَارْتَاحُوا عِنْدَكِ يَطْلُبُونَ رِضَاكِ

طَالَعْتُ بَابَكِ وَالغُرَابُ مُرَابِضٌ
مَا بَيْنَ وَادِي الرَّمْلِ وَالآرَاكِ

وَدَخَلْتُ عِطْرَكِ مِلْءَ كُلِّ خَوَاطِرِي
سُبْحَانَ مَنْ يَرْسُو عَلَى مَرْسَاكِ

سُبْحَانَ مَنْ فَلَقَ الصُّخُورَ أَجِنَّةً
فَتَنَاسَلَ الجِسْرُ الَّذِي رَبَّاكِ

مِنْ أَلْفِ عَامٍ رَبَّةً شَرْقِيَّةً
فِي بَالِ كُلِّ مُتَيَّمٍ يَهْوَاكِ

يَمَّمْتُ شَطْرَكِ وَالوُعُودُ تَزُفُّنِي
وَيَلُفُّنِي شَوْقٌ لِكَيْ أَلْقَاكِ

قَبَّلْتُ كُلَّ قَصَائِدِي فَتَكَاثَرَتْ
فَعَرَفْتُ أَنِي قَدْ حَضَنْتُ هَوَاكِ

يَا رَبَّةَ الاسْمَيْنِ صَاحِبَةَ الغِوَى
فَصُحَ اللِّسَانُ الْ بِالْهَوَى سَمَّاكِ

يَا نَوْبَةً مِعْرَاجُهَا لَغَطُ الرُّؤَى
اللَّيْلُ أَوْرَقَ وَالنَّوَى إِلَّاكِ

لَا تَفْضَحِي يُتْمَ الْحَمَامِ بِحَيِّنَا
لَا تُلْجِمِي جُمَلَ الرُّخَامِ الشَّاكِي

هَذِي "السُّوَيْقَةُ" تَسْتَبِدُّ بِحُلْمِنَا
لَمْ نُبْقِهَا إِلَّا عَلَى ذِكْرَاكِ

"سِرْتَا" وَذِكْرَى أَصَالَةٍ مَوْجُوعَةٍ
يَا نَوْبَةَ التَّارِيخِ مَا أَغْلَاكِ

يَا رَبَّةَ الوَجَعِ الْجَمِيلِ تَأَهَّبِي
لِلرَّقْصِ وَ"التَّهْوَالِ" وَالإِرْبَاكِ

هَذَا البَخُورُ وَ"حَضْرَةٌ" مَرْخِيَّةٌ
وَالْجِسْرُ وَالتَّقْوَى غَدَوْا أَسْرَاكِ

وَرَّطْتِنِي بِصَهِيلِ كُلِّ خَلَاخِلِي
وَشِمَالِي وَافَقَ فِي الْهَوَى يُمْنَاكِ

تَعَبُ الْخُطَى مَا عُدْتُ أَذْكُرُ شَكْلَهُ
أَنْسَانِيَ الدُّفُّ الَّذِي أَنْسَاكِ

هَذَا سِوَارِي مُنْذُ دَهْرٍ مُورِقٌ
فَكَأَنَّهُ قَدْ فَصَّدَتْهُ يَدَاكِ

وَكَأَنَّمَا الْحِنَّاءُ فَوْقَ أَصَابِعِي
يَغْشَاهَا مَوْجُ الاسْمِ إِذْ يَغْشَاكِ

"سِرْتَا" وَبَعْضُ قَصِيدَةٍ وَزُقَاقُنَا
وَالْحُلْمُ مَوْصُولٌ بِعِقْدِ مُنَاكِ

آمَنْتُ أَنَّ الله صَاغَكِ نَوْبَةً
وَ"الدَّيْلُ" بَاعَكِ لِلدُّنَى وَشَرَاكِ

وَ"الرَّمْلُ" صَانَكِ وَ"الْحُسَيْنُ" أضاعك
وَالرَّقْصُ أَفْلَسَ عِنْدَمَا أَغْوَاكِ

هَذِي الْجُسُورُ تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهَا
لَا تَحْزَنِي كُلُّ الْجُسُورِ فِدَاكِ

© 2024 - موقع الشعر