العائدون من الحرب - محمد الفيتوري

لقد عدنا.. أجل عدنا من الحرب ميامينا
على أعناقنا.. قد عبأوا النصر رياحينا
ومن أفواهنا ق
جسموا المجد.. أرانينا
لقد عدنا.. ولكن لا كما شاءت أمانينا
إلا يا ليتنا متنا بعيدا عن أراضينا..!
* * *
لقد عدنا من الحرب إلى الحقل.. إلى المصنع
لكي نحرث، كي نبذر، كي نحصد كي نجمع
لكي نبني للغير.. لكي نطهو ولا نشبع
لكي نحلم بالفجر الذي من يدنا يسطع
لكي نصنع حربا ضخمة أخرى.. لكي نصنع
* * *
لقد عدنا إلى الأكواخ.. أكواخ أهالينا
وكنا قد كسوناها بأسمال أمانينا
فماذا أبصرت أعيننا غير مآسينا
وغير الطلل الموجع نبكيه.. ويبكينا
وإن لج بنا الشوق لمسناه بأيدينا
* * *
لقد عدنا ألا تبصرنا تبصر بلوانا
بقايا آدميين مساكين.. بقايانا
نجرجر خلفنا التاريخ أشلاء وأكفانا
ألا ليت الذي رقعنا بالموت أبلانا
ولم يبق لنا كالناس أشواقا ووجدانا.
* * *
لقد عدنا.. أجل عدنا.. ولكن عودة المقهور
شربنا عرق الحرب.. أكلنا صدأ التنور
لبسنا كفن الثلج.. سكنا جدث الديجور
وها عدنا إلى القيد.. إلى قيد الأسى المضفور
فيا ضيعة هذا العمر.. هذا الصدف المكسور
* * *
وقالوا.. قال رب السوط، والقانون والقوة
سأمضي قبلكم.. إني لكم. لقطيعكم قدوه
ولكنا مضينا وحدنا نحتضن الهوة
وظل السيد المعبود في رقدته الحلوة
وكانت كأسنا الموت
وكانت كأسه الشهوة..!
* * *
فماذا يبتغي الجلاد، ماذا يبتغي منا؟
لقد سرنا كما شاء، وعدنا لا كما شئنا
هدمنا، وتهدمنا، وعذبنا، وعذبنا
وكم حلم سحقناه، وكم مقبرة شدنا
كم من مرة متنا، وكم من مرة عشنا
* * *
فلا بارك هذي اليد، لا باركها رحمن
إذا لم تسق بالحب طمأنينة الحيران
إذا لم تك فأسا في جدار البطش والطغيان
إذا لم تك ميزانا لروحانية الإنسان
إذا عاشت لغير النور والرحمة والإيمان
© 2024 - موقع الشعر