ثورة قارة - محمد الفيتوري

كانت جموع السحاب..
كان الدجى يرخي جناحية على القرية!
وكانت الأوجه ذات الأسى..
ذات العيون الاستوائية..
قد انزوت خلف سراديبها
تحلم بالنار، وبالثورة
تحلم بالثأر لتاريخها..
من العدو الأبيض الجثة..
* * *
وقال طفل أسود:
يا أبي، إني أخاف الرجل الأحمرا
فهو إذا أبصرني سائرا يبصق فوق الأرض مستكبرا
فلا تدعه يا أبي بيننا
فهو غريب فوق هذا الثرى
اقتله.. اقتله..
فيا طالما مزق أعماقي مستهترا!
* * *
وقال شيخ مقعد..
شققت جبهته السوداء فأس الزمن..
كنت صغيرا..
عندما أبصرت عيناي وجه الأبيض المحتقن
ولم أزل أذكر لي إخوة
مشوا عبيدا.. تحت ثقل القيود
والسيد الأبيض من خلفهم
وسوطه ملتصق بالجلود..
* * *
ولم أزل أسمع أصواتهم..
والعرق الدامي يغطي الجباه..
والشمس من فوقهم..
موقد أحرق حتى العشب..
حتى المياه!
ولم أزل أذكرهم كلهم
ذوو الوجوه الصارمات الوجوه
بلال، والنمر.. ودود الذي لما تحدى بطشهم أعدموه!
* * *
وحينما قلت: إلى أين هم ماضون؟!
قالوا: نحو أرض بعيدة..
وحينما قلت: ألن ترجعوا؟
.. مات الصدى فوق الشفاه البليدة!
* * *
وسكت الشيخ:
وشق الدجى صوت فتاة جثمت عن كثب
قالت، وأبدت جسدا عاريا
تلفه عاصفة من غضب..
هنا، هنا وراء هذا الجدار اللامع..
المطلي بأحزاننا..
يضطجع السيد.. في جنة
مسقوفة بعظم أجدادنا..!
فاختلجت تلك الوجوه..
التي يا طالما ضاع أساها سدى
وانتصبت أذرعهم في الدجى
مثل محاريث علاها الصدا
* * *
وابتلع الصمت العميق، البعيد
غابات أفريقيا وما فيها
وعندما جاء الصباح الجديد
كان اللظى ملء روابيها..!
© 2024 - موقع الشعر