ليس طفلا وحجارة - محمد الفيتوري

ليس طفلا، ذلك الخارج من أزمنة الموتى..
إلا هي الإشارة
ليس طفلا، وحجارة
ليس شمسا من نحاس ورماد
ليس طوقا حول أعناق الطواويس..
محلى بالسواد
إنه طقس حضارة
إنه إيقاع شعب وبلاد
إنه العصر يغطي عريه
في ظل موسيقى الحداد
ليس طفلا، ذلك الخارج
من قبعة الحاخام
من قوس الهزائم
ليس طفلا وتمائم
إنه العدل الذي يكبر في صمت الجرائم
إنه التاريخ مسقوفا بأزهار الجماجم
إنه روح فلسطين المقاوم
إنه الأرض التي لم تخن الأرض
وخانتها الطرابيش..
وخانتها العمائم..
إنه الحق الذي لم يخن الحق
وخانته الحكومات
وخانته المحاكم
فأنتزع نفسك من نفسك
واسكب أيها الزيت الفلسطيني أقمارك
واحضن ذاتك الكبرى وقاوم
وأضيء نافذة البحر، على البحر
وقل للموج:
إن الموج قادم
***
-2-
لست طفلا، أيها القادم
في عاصفة الثلج..
وأمواج الضباب
لست طفلا قط، في هذا العذاب
صدئت نجمة هذا الوطن المحتل
في مسراك، من باب لباب
مثل شحاذ تقوست طويلا
في أقاليم الضباب
وكزنجي من الماضي
تسمرت وراء الليل، مثقوب الحجاب
لست طفلا يتجلى عابثا
في لعبة الكون المحطم
أنت في سنبلة النار
وفي البرق الملثم
كان مقدورا الإغصانك، مجد الأعمدة
ولأمطارك سقف الأمم المتحدة
ولأحجارك بهو الأوجه المرتعدة
***
لست طفلا..
هكذا توالد في العصر اليهودي
وتشتغرق في الحلم أمامه
عاريا إلا من القدس..
ومن زيتونة الأقصى
وناقوس القيامة
شفقيا، وشفيفا كغمامة
واحتفاليا كأكفان شهيد
وفدائيا من الجرح البعيد
ولقد تصلبك النازية السوداء
في أقبية العصر الجديد
وعلى من غرسوا القضبان في عينيه
أن لا يتألم
وعلى من شهد المأساة
أن لا يتكلم!
الرباط 21-1-1988
© 2024 - موقع الشعر