زيارة صاحب البرق - محمد الفيتوري

هذه العتبات التي ارتطمت شمسها
في صخور المدارات
كان اسمها عتبات أبي..
كان قوساً، تحول ناراً وزيتونة
وتعالوا إذن وانظروا كيف ترتطم الموجة..
انكسرت آية الله في نجمة الطفل
وانكسرت نجمة الطفل في آية الله
نجمته لعبة الطفل
لعبته نجمة الله
كان نيازك وحشية تتحدى السماء
وكان طقوساً شتائية
لا تبوح بسر النحول
وأزمنة رثة تترامى وهنا وهنالك
فهي بلادي، وليست بلادي
كان بدء رحيل الغيوم
وفيض حريق الهموم
وكما لم يشأ.. عاد متشحاً في الرياح القديمة
من وطن في النجوم
إلى وطن في النجوم
***
هذه العتبات رفوف مقدسة
تتداخل في يقظتي
وعرائس من حجر أحمر
وأباريق مصبوغة
عتبات أبي.. وأنا عابر ذات يوم هنا
أنا هذا الذي يتغشاه طوفانه الآن
فوق سطوح الرخام الملون
تلمسني فأصير هواء
وتبصرني فأغيب
وتثلج في شفتي عصور التلكؤ
ثمة سفن مدارية من تلكؤ ذاتي
في قنوات الرجال البنفسج
تعرج في الشمس آونة
أو تحلق في الموت آونة
وكمثل الشروخ العميقة في كبرياء المدينة
تمخر سفني في كبرياء الرجال البنفسج
مثقلة بالمجاذيف
سفني تمخر في المدن.. الأرض
عبر صفوف الرجال المدانين في مجد أيامهم
تتقاطع فيهم ولا تنتهي
حيث ينهمك الشفقيون في رقصة السمك الذهبي
المعلق في سلة السرطان
عتبات أبي.. وأنا
سفن حاصرتها جيوش الظلام
التي احتشدت في زوايا المكان
***
وتعالوا إذن وانظروا..
لا تجيئوا كأفراس بحر الشمال على شفق غائم
لا تجيئوا مع الملك الخوف
واختبئوا في كوابيسكم
إنكم تسكنون كوابيسكم
والذي تحلمون به يتجسد فيكم
وأنتم تدقون أجراسكم..
وتميلون صوب انحدار الزمان
بعضكم قدر يسبق الليل
أو يسبق الضوء حيث مشى
وتعالوا إذن وانظروا
***
لا تجيئوا مع القمر المتأرجح
يغتالكم في مقاعدكم
ثم يزلق فوق بنفسجة اللون في العتمة
القمر المتأرجح يرصف أشجاره الطحلبية
حول عيون العصافير
كي لا ترى كيف تولد معجزة الكون
***
من يقطف الورقات التي يبست عن هياكلها!
***
حينما اخترت ناقوسي
اخترت صوتي من صدف البحر
***
من يحجب القمر المتأرجح
أيتها الشهوات التي انكفأت
فوق أجساد أمواتها
شبقاً عاقراً
إنني أمة حصدت موتها
وسأنبت كالطلح فوق حنوط دمي
وتعالوا إذن وانظروا
***
إنها عتبات أبي
وأنا صاحب البرق-منكسراً فوقها-
انظروا كيف أحرق أجنحتي وجهها
المستحم بنور العذابات
حتى انكسرت ركوعاً على ركبتي
وأسلمت في فرح عنقي
وتحجرت مثل إلة تحجر في حلمي
وأنا صاحب البرق!!
زلتين 1985
© 2024 - موقع الشعر