أضع الوقت على الطاولة وأفتح باب الغابة : ( شخص يضيع ) - قاسم حداد

أضع الوقت على الطاولة وأفتح باب الغابة : ( شخص يضيع )
 
ثمة شخص آخر ينهرني .
 
أتحسس العشب بقدمين عاريتين ،
 
جليد يتقصف بين لحمٍ يرتعش وعشبٍ طازجٍ يتفلت.
 
يأخذ الشخص نصف أوكسجين الغابة
 
بشهيقٍ عميقٍ ٍوينقذف مثل طائرٍ في فضاءٍ يخلع الثلج .
 
يستجيب للنداء الغامض ، يترك السبل المطروقة
 
ويذهب في كمائن أخطأتها الطرائد ،
 
يفسد خطط الشراك ويفضح الشباك المموهة
 
فتستيقظ شهوة الطير والهواء.
 
يضيع ، ويضلل الأطياف ،
 
يلهث ،
 
زفيره يسبق خطواته مغموراً بغيمة الرؤى
 
تكاد أن تنهمر على سترته المعفرة بليلٍ عابثٍ،
 
يضيع ، كأنه يرى .
 
بغتةً يكتشف البحيرة تحدق به،
 
قدماه مغروستان حتى الكاحلين
 
في جليدٍ يتهشم ويفيض في قدمين مجنحتين بالفراشات .
 
ذئب يضل الطريق نحو الجبل .
 
وحين تدركه شهوة الأوج يلقي بجسده في تعبٍ
 
ويدير رأسه بغطرسة من يتفقد أطيانه.
 
يطير في وجهه جناح مدلهم فيفر ،
 
كمن يسعف جسده من وهدةٍ وشيكة.
 
( شخص يخرج من غيبوبة الناس
 
ليضيع في غابة نفسه )
 
ثمة شخص آخر هناك .
 
ينتشل قدميه من قبضة الجليد،
 
كمن يسحب جذوره من مكان .
 
( هذا صباح جدير بغموض الفتنة،
 
أهرب من غربتي إلى ضياعي )
 
يتقدم ، مبتعداً عما يعرف ،
 
ذاهباً إلى ما يريد .
 
2
 
من أنت ؟!
 
وحدك في الوحشة لا تعرف من أنت ،
 
يجهلك الأحفاد ، مثل أسلافٍ يزعمون جهلك .
 
تفتح الطرق في ثلجٍ ينحسر ،
 
تتثاءب حولك الغصون
 
ولا ينثني العشب تحت قدميك .
 
خفيف ،
 
زفيرك يرسم تاج الملاك وتزدريك الزواحف
 
لفرط مروقك .
 
لكنك تضيع وتقتحم ،
 
ينتظرك ذئب يهجس بقدومك
 
ترأف بك البراثن مكتشفاً ،
 
مثل شخصٍ يسأل : ( من أنت ؟! )
 
فتدرك الصوت .
 
تسأل : ( من أنا ؟ )
 
تمتلك الغابة ، مستسلماً للتحدي .
 
شخص ضائع .. ويضيع
© 2024 - موقع الشعر