كوابيس الليل والنهار - فدوى طوقان

"مهداة إلى صديقتي روزماري"
-1-
في شارعنا يمشي الأموات
يتوارون بظلّ الحائط اشباحاً
وهياكل جوفاً غير خفافٍ غير ثقال
يا أختي غطّي موتانا
وأنا لا يسترني ثوبٌ
لا يستر أهل الحي دثار
عاريةٌ حتى الأشجار
الدوّامات الوحشيه
حصدت حتى ريش الأطيار
طرقات الجند على بابي
وتهرول اختي مذعورة:
الجند الجند!
غيبي اختبئي في أيّ مكان..
ويحي! وأدور على نسي
أتسلّق نافذتي الشرقيه
موصدة نافذتي الغربية
أتسلق نافذتسي الغربيه
موصدة نافذتي الغربية..
الجند الجند.. أظل أدور أدور أدور
عنترة العبسي ينادي من خلف السور:
ياعبل تزوجك الغرباء وإني العاشق!
لا ترفع صوتك يا عنتر ويلي ويلي!
أنا ابن العمّ وعرق العين
(يا ويلي عنتر مختبئ في أجفاني)
يسمعك الجند. يراك الجند
يا عبل دعيني أطعم من
زيتون العينين دعيني
لا تقصيني عن زيتونك لا تقصيني
طرقات الجند على بابي ويلي ويلي!
يا عبلة يا سيدة الحزن خذي زهرة قلبي
الحمراء
صونيها أيتها العذراء
الجند على بابي ويلاه!
حتى الله تخلّى عني حتى الله
خبئ رأسك!
خبئ صوتك!
وبنو عبس طعنوا ظهري
في ليلة غدر ظلماء
Open the Door!
Ouvre la Porte!
افتخ إتْ هاديليت!
افتخ باب!
وبكل لغات الأرض على بابي يتلاطم
صوت الجند
يا عبلة إني..
يا ويلي!
.......................
........................
اصحو من احلام الكبت
أحس القهوة عليّ أوقظ هذي
الرأس المخمورة
أوغل في أبعاد الصمت
أتعمق أحزاني المطموره
فاضلُّ الدرب
يا رب لماذا يارب؟
ويرد الصمت
في صحف القدس اليومية أرمي عيني
أقرأ خبراً كالأخبار:
"بيت لحم – فوجيء المزارعون في خربة
بيت سكاريا، بمجموعة من الجرافات
خرجت من مستعمرة كفار عصيون وشرعت
في قلع المزروعات في أراضي تلك البلدة".
اقرأ شكوى مرفوعه
لوزير الحرب
"إبراهيم عطا الله من بيت سكاريا
شمال كفار عصيون – قضاء بيت لحم
الموضوع: مصدار أراض زراعية
تخصني.
أحيطكم علماً بأن الأرض التي
أملكها والتي تقع في بيت سكاريا،
وهي مصدر رزقي ورزق 21 شخصاً
أعيلهم من فلاحتها، قد تم الاستيلاء
عليها ليلة أمس الأول حيث قامت
الجرافات بازالة المحصول الذي عرقت
من أجله طيلة عام كامل.
أناشد كم باسم أطفالي الذين
سيموتون جوعاً أن تتخذوا اللازم
لإعادة الأرض التي لن أقبل عنها بديلاً أو تعويضاً".
ذات الأخبار...
لا شيء جديد في الأخبار
لا شيء مثير..
يغشاني الغثيان المرّ
يا دودة علق في قلبي تغزو قلبي
وتظل تمص دماء القلب!
ما هذا ما هذا يا رب؟
ويرد الصمت.
افتح مذياعي وأطوّف في جنبات المعموره
الوحش الأسطوري الأعمى يأكل نفسه:
الموت يحوم في بلفاست
راس كالزهرة ذهبيه
قطفتها قنبلة زمنيّه
في فيتنام
الحزن اليوميّ يلقّح أرض فيتنام
فترعرع بسماد النابالم
في كل مكان طيرُ الموت
ينشب مخلبه المعقوف يغلغله
في اللحم الحيّ
قبلات الموت هدايا رعب
تنُثر عبر بريد العالم
من رصف العالم بالرعب؟
من سقف العالم بالرعب؟
يا رب لماذا مات الحب؟
..............................
ينكسر الصمت
يعوي حيوانٌ ي غابه
وتلعلع في طيات السحب الرعديه
ضحكات الرب!
© 2024 - موقع الشعر