رحلةٌ على أنغام النّاي - عبد العزيز سعود البابطين

يا نايُ ما لكَ تبكي الوصلَ مُتّشِحاً
بالحزنِ والشوقِ والآهاتِ والألمِ

تبكي الزمانَ الذي ولّى وتذكُرُهُ
في كلِّ آهٍ بأشكالٍ من السّقمِ

فبُحَّ صوتُكَ من مَرّ السنينَ وقد
شاخَ الزّمانُ بلحنٍ فيكَ مُنسجمِ

يا نايُ هَدّىءْ وسلني لا تُناوِحُني
سلني عن النّوحِ والألحانِ والنغمِ

إذ جذوةُ الشّوقِ في نفسي قد اشتَعَلَتْ
منذُ الزّمانِ الذي شطّتْ بِهِ قَدمي

فنبرةُ النّوحِ تُشجي بل تُذكِّرني
أحبابَ أمسٍ مَضَوا في عَتْمةِ الظُّلَمِ

يُقطّعُ القَلْبَ صوتُ النايِ، يأخذني
إلى الوراء سنيناً عاشها حُلُمي

النّوحُ يُجدي ولا الأنغامُ تُرجِعُه
ولا البكاءُ على الأطلالِ من شِيَمي

فالصَّبرُ عنديَ يبنيهِ التجلُّدُ بي
والحزنُ يبقى ويبقى فِيَّ للعدمِ

أأنتَ مثليَ يا نايَ الهَوى حَزِناً
أم تُطربُ الحيَّ في مِزمارِكَ الهَرِمِ

نُحْ ما تشاءُ فلن يُجديكَ نَوحُكَ يا
رفيقَ دربيَ فالمكلومُ لم يُلَمِ

فأنتَ مشتاقُ لا ريبٌ بِذاكَ ولا
شَكٌ بشوقِكَ يا نايٌ فأنتَ ظَمي

لكنّني والهَوى الغالي يُبرّحُني
مَسٌّ من الحبّ فاقَ الحُزْنَ وَسْطَ دَمِي

أنا الذي يَتَقضّى عمرُه هَزِئاً
بالحزنِ والشّوقِ - مهما زادَ - والألمِ

© 2024 - موقع الشعر