مقام في مقام العراق - محمد الفيتوري

غائب..
والعيون عليك اشتياق
هائم
خمرك الذكريات العتاق
كلما عانقتك مرايا الوجوه
تبعثرت فوق زجاج العناق
يا سحابا من اللحم والعظم
يمخر في حلم عاصف لا يطاق
غير هذا الزمان زمانك..
فاللحظة انطبقت
والشفاه انزلاق
غير تلك البلاد بلادك
لولا اليقين..
ولولا شموخ العراق
العراق..
الأيادي التي غسلت جبهة الشرق بالدم
حتى أفاق
العراق
الصحائف مذهبة النقش
في زمن العجز والانسحاق
العراق
الملاحم لا تنتهي..
والرؤى ثورة
والحضور ائتلاق
ويظل العراق مدارا
وبغداد شمسا..
تضيء مدار العراق
وعلى درج القادسية
قوس من المجد لا يعرف الاختراق
طاولته يد.. لم تكد
ثم لم تقو.. واهترأت
واحتواها السياق
كل ما كان بالأمس
أن المغول أتوا في الدجى
ومضوا في المحاق
كل ما كان أن التوابيت عادت بأمواتها..
خائبات السباق
كل ما كان..
أن طيور الزواق الجميل تساقط عنها الزواق
***
وتقيم المقادير فيك احتجاجا
على وطن أبدي الوثاق
ضاع بين صراع المماليك والأغوات
وفرسان عصر الوفاق
وطن..
بيرق من نقوش..
وأرواح آلهة
وهيولي ازرقاق
حجبوا الله، والشمس..
والحب عنه
فأصبح سجنا كبيرا..
وضاق!
جزؤوه..
وقد كان شعبا..
فأضحى شعوبا معبأة في زقاق
واستبيح التراب..
الذي كان من قبل، فوق التراب
عزيز النطاق
والبلاد التي مسحت راحتاها المقدستان
جبين البراق
حملت عارها من زهور الهزائم..
والعتمات..
وخبز الفراق
***
غير طفل هناك
رأى وطنا صار في حلمه حجرا
فاستفاق
يعجن النار والصلوات بأسنانه
ويدوس حرير النفاق
هتك السر..
فالأمس كان مراهقة
والنضال القديم ارتزاق
والجيوش التي سمنت في حظائر حكامها
كذبة.. واختلاق
إنما يسترد البلاد..
الرجال الأسود
وليس الرجال النياق
***
وفلسطين أرض وشعب
وليست كما زعموا حارة أو زقاق
ويسائلك الميت الحي..
والدم يختال منتصرا أو يراق
عاصف غيم تلك الليالي.
على أن موجا من البرق في الغيم
باق
وقديما تأنق روح الجمال
فألق على كل جفن رواق
وقديما تجلى بهاء الألولهة
في نشوة الكائنات الدقاق
ولقد يظمأ العشب..
والماء يركض حيران..
في فجوات المآق
***
إملائي هذه الكأس منك
فقد ظمئت كأس روحي للإنعتاق
ودعيني أغب فيك، طائر شعر
جناحاه من نغم واحتراق
يا بلادي التي حملتني بعيدا إلى عرسها..
يا بلادي العراق!
الرباط 1988
© 2024 - موقع الشعر