فخذ أحدنا مكانه! - أحمد علي سليمان

لِماذا اتجَرْت بهذي السُّمومْ؟
وعِفت السبيلَ الرَّشيدَ القويم

وكنا نظنك مُسترشِداً
تَخافُ الإلهَ العزيز الرحيم

وتعملُ بالشرع تحيا له
وتجعله هديَك المُستقيم

ولكنْ خُدِعنا بمُستهتِر
وخانتْ ظنونٌ ، وخابتْ زعوم

أتجعلُ مِنْ بيتنا مَخزناً
ومُستودَعاً يَحفظان السُّموم؟

وهل بالمخدِّر يَسمو الحِمى
ويَقشَعُ ما هدَّه مِن هُموم؟

فعِشْ رَهنَ قيدِك مُستأسِراً
فأنت بما قد أتيت الجَريم

ورق الطفيلُ لِمَا قد رأى
فليس بما قد صَنعت العليم

ألا أيها الضابط المُفتدى
رَجوتُك والقلبُ يَشكو الغموم

فخذ ولداً في مكان أب
وخَلِّ سبيلَ الغويِّ الأثيم

فهذا ضَحيَّة أهل الهوى
فهم للفضيلة أشقى الخصوم

بَصُرتُك ترحمُ أوجاعَنا
فهذا مُصابٌ علينا جَثيم

فقال وفِي العين دَمعٌ جرى
كسَيل تحَدَّرَ منها عَريم

وكيف نعاقِبُ مُسْتبرئاً
حَنانيكَ ، وارحمْ فؤادي الكليم

عساه إلى رُشْدِه يَهتدي
ويَهديه رَبٌ عَزيز عَليم

ويَرجعُ عن غيِّهِ تائباً
ويُذهِبُ عنه المليكُ الهُموم

مناسبة القصيدة

(هكذا قال إخوة يوسُف له عندما كادَ الله تعالى له ليأخذ بالحِيلة أخاه بنيامين بن يعقوب من راحيل أم يوسف! وذلك يوم جعل السِّقاية في رَحْل أخيه! وذات الكلمات يقولهن أحدُ أبناء أب مُبتلىً بالمُخدِّرات والتجارة فيها! وقد جعل مِن إحدى الغرف في داره مُستودعاً للمُخدِّرات دون علم أحدٍ من أهله! وجاءتْ إخبارية بذلك ، وجاءت السلطات ، واكتشفت الجريمة ، وتم التحفظ على البضاعة ، وتم القبض عليه ووضعت القيود في يديه ، فقال أحد الأبناء للضابط: خذ أحدنا مكانه! فبكى الضابط إذ كان رقيقَ القلب! وتماسكَ وقال للجميع: عساه يتوبُ فيتوبُ الله عليه!)
© 2025 - موقع الشعر