رثاء الأب - صالح مهدي عباس المنديل

أبي
 
أبي افجعني رحيلك عن بعاد و غربة
 
و سالت دموع العين حزناً و لا خجلُ
 
 
 
و لو اني علمت ان ابن أنثى ميتٌ
 
لابد من يوم يوافيه إذ دنا الأجلُ
 
 
 
حين نعتك الناعيات كأنه يحدق
 
 
في عينيَّ ذاك الحادث الجللُ
 
 
 
سنينك التسعين مرت كراحلةٍ
 
تسيرُ على الأقدام لا ريثٌ و لا عجلُ
 
 
 
ودعتك قبل عامين و اليأس غامرٌ
 
و القلب خائف معلولْ ينتابه الوجلُ
 
******
 
 
 
أتتني اخبار الرحيل إذ مالت سراة
 
بيارقٍ و بنا تميل الريح حيث تميلُ
 
 
 
 
علمت بفقدكم حين الرحيل و ليس
 
لي اليوم إلى ارض الأخلاء سبيلُ
 
 
 
أنعم بمن قدم الأبناء للأوطان اضحية
 
ثكلوا أبكارهم و ليل الثاكلين طويلُ
 
 
 
يحز في نفسي وفي الشتات منازلي
 
ما كنت قربك اذ حان منك رحيلُ
 
 
 
حين أزوركم ارى البيت العتيق و أمي
 
 
عجوز عفى عليها الدهر تبكي تعولُ
 
 
 
يعز علي ان طال البعاد بنا و ليس
 
لي بعيد اليوم في ارض الأحباء نزولُ
 
 
 
فرقتنا الحوادث في الشتات اذ أبت
 
إلا أن بيني و بينكَ بالحادثات تحولُ
 
 
 
مضى التقي رمز الأبوة و النهى مضى
 
من كان في الحادثاتِ لهُ الأناس تأولُ
 
 
 
 
عاش في كرامة و مات عزيز بمنعةٍ
 
و ما كل من طلب المعالي ينولُ
 
 
 
مكرم الضيف راعي اليتم بعزة فما
 
عسى بمدحه اليوم للنائحات تقولُ
 
 
 
رحل الهدار في كل مجلسِ كالبدر
 
حين شروقه ضوء النجومِ يزولُ
 
 
 
قضي الأمر ان قام محكماً و ليس
 
من بعد فتواه لأمرئِ فتوى يقولُ
 
 
 
 
أبي اصبر هنيهةً فأنا قادمون إليكمُ
 
و ليس للموت أن بين النفوس يحولُ
 
 
 
قادمون و لو طالت بنا الأيام يا أبتي
 
و ليس لعمرٍ على الأيام فينا أن يطولُ
© 2024 - موقع الشعر