التجملُ الباطلُ في وسائل التواصل! - أحمد علي سليمان

تجمّلْ كيف شِئت ، وصُغ قصيدا
وزخرفْ كي تُرى بطلاً مجيدا

ونافقْ بالمَقالة كل تال
وشِدْ من (عِشّةٍ) قصراً مَشيدا

وألفْ قِصة لا صِدقَ فيها
وإنْ حَوتِ الفِرى نصاً فريدا

بصُرتُك تفتري كذِباً وزوراً
وتنقشُ - من هواجسك - النشيدا

وتخترعُ الأحاجيَ باجتهادٍ
وتجعلُ مِن هُرا رأياً سديدا

وتخدعُ مَن تُخاطبُ بالحكايا
بها أصبحتَ شيطاناً مَريدا

وتسرقُ ما تلا زيدٌ وعمْروٌ
بمنشور حوى نصاً مُفيدا

وتنسبه لنفسك لا تُبالي
وقد تطغى فتغتصبُ القصيدا

فكم بالغت في كيل التحايا
وصُغت بها - من المدح - المَزيدا

وكم أسرفت في الأخبار تسبي
عقولاً تنشُدُ الصدقَ الأكيدا

وكم ألبست نفسك ثوبَ رُوميو
و(جولييتٌ) تُناولك البُنودا

وكم حاكيت - في التشبيب - قيساً
و(ليلى) أهدتِ الصبَ الورودا

وكم صوّرت نفسك عبقرياً
لتخدع - بالذي صورت - غِيدا

وكم أعطيت نفسك من سجايا
وفي المنشور جندت الشهودا

وكم غازلت حَمقا لا تُبالي
وكان (الفيسُ) للبلها البريدا

وكم سطرت مقطوعاتِ حُب
لغافيةٍ ، وأعطيت الوعودا

وكِلت من المدائح ما تُمَني
بهِ الرعنا ، وأسديت العهودا

وكنت اغتلت أفئدة العذارى
بما ألفت ، لم تعرفْ حدودا

هداديكَ انتبهْ ، واسمعْ لنصحي
عساك – بخيره - أن تستفيدا

أفقْ من سَكْرةٍ بلغتْ مداها
وخَفْ وعدَ المهيمن ، والوعيدا

ودعْ عنك التجمل تغدُ شهماً
وتُصبحْ - في الورى - عَفاً رشيدا

ألا اصدُق في الصنائع والنوايا
ولا تكُ ساقطاً وغداً عنيدا

تموتُ ، ويُصبح المنشورُ ذكرى
تُضَلل نسوة – عمداً - وخودا

وتُسألُ يا مُغرر عن صبايا
بهن لعبت - يا غافٍ - عقودا

ومنشوراتُك - التي خلفت - هزلٌ
تُشَيطنُ كلما نُشِرتْ عبيدا

فمن يمحو الرذائل قد حوتْها
لينفع بالذي يمحو الفقيدا؟

ستبقى - في الدنا - شبحاً مُخِيفاً
وتُسألُ عنه - يا باغ - وحيدا

نصحتُك لو يُفيدُ النصحُ غِراً
وسُقتُ نصيحتي نصاً مُفيدا

عساك تُراجعُ النفسَ احتساباً
تُذكّرُها القيامة واللحودا

فإن تابت ، فقد ربحتْ كثيراً
وعُدت - من الهوى - عَوداً حميدا

كأنْ لم تقترفْ - في العيش - إثماً
وتُمسي - من كبائرك - الوليدا

يمينَ الله قد أخلصتُ وَعْظي
فيا رب الورى كُن لي شهيدا

مناسبة القصيدة

التجملُ الباطلُ في وسائل التواصل! (مهما كتب زيدٌ أو عمرو أو زبيدة أو ليلى عن أنفسهم في وسائل التواصل الاجتماعي من: واتس آب أو فيس بك أو تليجرام أو انستجرام أو تويتر من العبارات والألقاب والمسميات المغايرة للواقع فإن هذا كله يدخل تحت التجمل الزائف الخادع الذي يُشبه سراباً بقيعة يحسبه الظمآن ماءً! فلا يمثل الحقيقة بأي حال! ومهما أخذ هؤلاء مشاعر الآخرين وأفكارهم ومنشوراتهم ، ونسبوها إلى أنفسهم! فأراهم لم يُحققوا مجداً! ذلك أننا في عالم حقوق النشر فيه محفوظة ، ولها أرقام إيداع وترقيمات دولية!هذا من ناحية الكتب المنشورة! أما من ناحية الفيس بك فإن حساب زيد يختلف عن حساب عمرو! وهذا لا يمنع من الاقتباس ، ولكن بضوابط وبنسبة كلام زيد له ، لا للمقتبس الناحل! فليصدق هؤلاء الأقوام مع الله تعالى ، وليصدقوا مع أنفسهم ، وليصدقوا مع الناس! ذلك أن حقيقة كل منهم سوف يُظهرها الله تعالى يوماً ، ولن يُغنيَ عنهم ذلك التجمل الباطل الزائف!)
© 2024 - موقع الشعر