وَمَا ضَرَّنِي فِي النَّاسِ قَوْلٌ لِجَاهِلِ - طاهر يونس حسين

وَمَا ضَرَّنِي فِي النَّاسِ قَوْلٌ لِجَاهِلِ
إِذَا الدَّهْرُ آتانِي وَجَاهَةَ عَاقِلِ

أَعُودُ إِلَى الماضِي إِذَا اليَوْمُ سَاءَنِي
وَأَضْحَكُ فِي لُقْيَاهُ مَعْ كُلِّ رَاحِلِ

وَأَشْكُو إِلَيْهِمْ غُرْبَتِي وَمَوَاجِعِي
وَأَنْأَى بِنَفْسِي عَنْ عُيُونِ الْعَوَاذِلِ

وَأَكْتُمُ أَشْجَانِي مَخَافَةَ شَامِتٍ
يَسِيرُ بِهَا نَشْوَانَ بَيْنَ الْأَرَاذِلِ

أَرَى ذَٰلِكَ الْمَغْرُورَ يَنْفُشُ رِيشَهُ
وَيَخْتَالُ عُجْبَاً مِثْلَ دِيكِ الْمَزَابِلِ

فَمَنْ مُبْلِغٌ ذَاكَ الْجَهُولَ رِسَالَتِي
فَقَدْ ضِقْتُ ذَرْعَاً بِالْعَنِيدِ الْمُجَادِلِ

أَلَا نَبِّئُوهُ أَنَّنِي لَسْتُ بِالَّذِي
يَرَى فِيهِ شَيْئَاً مِنْ خِصَالِ الْأَفَاضِلِ

وَلَسْتُ بِرَاضٍ عَنْهُ مَا دَامَ غَيُّهُ
وَلَا رَاغِبٍ فِي قُرْبِهِ بِالْمَحَافِلِ

أَجُودُ بِقَوْلِي فِي ضِيَافَةِ عَاقِلِ
وَأَنْأَى بِعَقْلِي عَنْ مُمَارَاةِ جَاهِلِ

وَأَصْمُتُ عَنْ زَلَّاتِهِ رَغْمَ أَنَّهَا
تَؤُزُّ عَلَى رَأْسِي وَتُثْقِلُ كَاهِلِي

كَذَٰلِكَ أَشْرِي بِالتَّجَاهُلِ رَاحَتِي
وَإِنْ كُنْتُ ذَا قَوْلٍ حَصِيفٍ وَفَاصِلِ

وَلَسْتُ الَّذِي يَرْضَى مَدِيحَ الْأَسَافِلِ
وَلَوْ مَلَكُوا الدُّنْيَا وَحَلَّ الْمَسَائِلِ

كَفَى شَرَفَاً أَنِّي مُعِينٌ لِسَائِلِ
وَأَنِّي لِأَهْلِ الظُّلْمِ لَسْتُ بِمَائِلِ

وَأَنِّي أَقُولُ الْقَوْلَ صِدْقَاً مُصَدِّقَاً
لِمَا فِي فُؤَادِي مِنْ خَفِيِّ الشَّمَائِلِ

وَلَا أَزْدَرِي خَلْقَ الْإِلَٰهِ فَذَٰلِكُمْ
ِصَنِيعُ عَتِيٍّ ظَالِمٍ مُتَحَامِلِ

وَلَا أَدَّعِي أَنِّي مَلِيكُ فَضِيلَةٍ
وَكُلُّ ابْنِ أُنْثَى نَاقِصٌ غَيْرُ كَامِلِ

وَلَا أَسْفَعُ الْخَدَّيْنِ بَعْدَ هَزِيمَةٍ
لَعَلَّ غَدَاً يَأْتِي بِنَصْرٍ مُمَاثِلِ

أَلَا فَانْتَسِبْ لِلْمُحْسِنِينَ مُفَاخِرَاً
بِهِمْ حَسَبَاً بَيْنَ الصُّفُوفِ الْأَوَائِلِ

بِذَٰلِكَ أَوْصَانِي أَبِي يُونُسُ الَّذِي
أَدِينُ لَهُ حَقَّاً بِكُلِّ الْفَضَائِلِ

طاهر بن الحسين
© 2024 - موقع الشعر