القارئ المرتل ظافر التائب - أحمد علي سليمان

سائل الأطلالَ ، واستقص الخبرْ
أين يا أطلالنا غابَ القمرْ؟

وافتكرْ ذكرى مَضتْ أصداؤها
لم تُخلفْ – في الروابي – مِن أثر

والتراويحُ بكتْ شيخاً مضى
وعلى ذكراهُ دمعٌ ينهمر

كم سمعنا الذكرَ آياً تجتني
مُهجَ الأبرار ، يحدُوها السمر

كم تجاذبْنا أحاديثاً حلتْ
تُطربُ السمْعَ ، وتستجلي البصر

كم بذكر الله طابتْ سهرة
وحديثُ المصطفى يُزكِي السهر

كم سألنا عن إمام غائب
أين ولى – عن بيادينا – (الظفر)؟

قِيلَ ولى عن ديار أمحلتْ
وله طاب التجافي والسفر

قلتُ: هل من عودةٍ يا قومنا؟
قِيلَ: في دار المُقام المُستقر

قلتُ: هل هُنّا على نِبراسنا؟
قِيل: كلا إنه أمرٌ قدِر

قلتُ: رب الناس يُمضي ما يشا
ونطيعُ اللهَ فيما قد أمر

ربنا احفظ شيخنا ، وارفقْ به
ثم أصلحْ شأنهُ يا مقتدر

مناسبة القصيدة

القارئ المرتل )ظافر التائب( (في دار غربتنا صلينا في مسجد الإمام أحمد بن حنبل صلواتٍ كثيرةً ، والتقينا بإمام المسجد الشيخ ظافر التائب ، وجمعتنا به ذكرياتٌ حلوة وجميلة! وبعد سنوات قرر الشيخ عودته إلى بلاده ، فكان فراقاً صعباً ، حيث لم يُملأ فراغه في مسجده! وهنا كتبتُ هذه القصيدة القصيرة في فراقه ورحيله عنا إلى دياره وفقه الله تعالى! وجاءني إحساسي بفراق الشيخ ، بعدما ذهبنا لمسجد الإمام أحمد لنصلي فيه بعد رحيل الشيخ ظافر ، فاستوحشتُ وأدركتُ أن فراغ الشيخ ظافر لم يُكمَل ولم يُسَد! فبكيتُ على أطلال الذكريات! والشيخ ظافر لمن لا يعرفه معلمٌ لقواعد الترتيل والتجويد! فهو على هذا قارئٌ مقرئ ، وليس مجرد قارئ للقرآن فقط! والشيخ من الشمال الأفريقي ، وتحديداً من (ليبيا الشقيقة)! ذاع صيته في الآفاق والأمصار ، وامتد بين قارتي آسيا حيث الخليج العربي ، وأفريقيا حيث مصر وليبيا وبلاد المغرب العربي! وألفيتُ الرجل – ولا أزكيه على الله ربي – مدرسة في الأخلاق والعلوم! وإذ فرقتنا الأسفار لكنْ يبقى الإخاءُ والمودة الإيمانية! ويبقى التواصل بيننا لا ينقطع ولا حتى بالموت! فلقاؤنا الأبدي الخالد - بمشيئة الله تعالى وتوفيقه – في جناتٍ ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر! ولقد أحببنا الشيخ ظافراً في الله تعالى ، على غير أنساب بيننا!)
© 2024 - موقع الشعر