نسيم الشعر على عطية صقر! - أحمد علي سليمان

يا شعرُ أكْبِرْ عظيمَ الجاه والقدْرِ
وراجع السيرة الشهباءَ ، واستقري

وأطر شيخاً له في العلم منزلة
إنْ أنت لم تُطره قل لي: فمن يُطري؟

قدّمْهُ يا شعرُ – للأجيال - مؤتلقاً
وافخرْ بسيرته لكل مُستقري

وادعُ البيان يُعيرُ اللفظ نضرته
لكي تفوق إذا فاحت شذى الزهر

واعمَدْ إلى صور البديع ترقَ بها
لذِروة المدح ، والتقريظ ، والفخر

واقطفْ وروداً - من الفصاحة - انبثقتْ
فللفصاحة تخييلٌ من السحر

وخذ نسيمَك في أبهى طلاوتهِ
يَفيضُ عِطراً على عطية الصقر

الشيخ يا شعرُ مَولانا وقدوتُنا
من ك(ابن صقر) جليل السمت والقدر؟

من ك(ابن صقر) دعا بلا مُواربةٍ
أهلَ الديار إلى الإحسان والخير؟

من ك(ابن صقر) غدتْ آراؤهُ دُرراً؟
والله باركَ في الإمتاع بالدر

من ك(ابن صقر) غدتْ أفكارُهُ نجُماً
بهن قومٌ هُدوا في البحر والبر؟

من ك(ابن صقر) أبانَ الحقَ مُتضحاً
كسابق العلماء السادة الغر؟

من ك(ابن صقر) له في الصدق مدرسة؟
شتان شتان بين الصدق والهتر

من ك(ابن صقر) تبدّى في أناقته
في جُبّةٍ لمعتْ كالماس والتِبر؟

من ك(ابن صقر) دعا لله محتسباً
فالأجرُ عند المليك الخالق البر

لم تُغره متعُ الحياة إذ عُرضتْ
عليه هيّنة في ثوبها المُغري

بل صاحبَ الزهدَ في ضيق وفي سعةٍ
ولازمَ الصبرَ في عُسر وفي يُسر

كم استدان لتُقضى حاجة عرضتْ
وما تضجّرَ رغم الظرف والضير

كم ناصر الحق ، لم يجْبُنْ ، وذي سِمَة
في السر أيده عمداً ، وفي الجهر

ولم يكن في يد السلطان سيفَ أذى
يُبدي التزلفَ بين النهي والأمر

وإنما العُلما صنفان ما اختلطا
والأمرُ مُتضحٌ ، وكلنا يدري

فعالمٌ باعَ دينَ الله مرتضياً
غِناه عن كدر الحياة بالفقر

وعالمٌ باعَ دُنياهُ بآخرةٍ
فلم يمُنّ عليه اللهُ بالنصر

بل عاش عابدَ دنياهُ وخادمَها
وكم تقلبَ من طور إلى طور

لكنْ (عطية) بالعلم الشريف سما
وعاش شهماً رفيعَ الجاه والفكر

وكان يُفتي بتدليل وبرهنةٍ
فكل فتوى كمثل الكوكب الدري

تسعون عاماً قضاها كلها شرفٌ
وسافرَ الفذ من قُطر إلى قطر

و(بَهنبايٌ) سيُفني الدهرُ صَولتها
لكنْ (عطية) لن يُزوَى مدى الدهر

سل (الزقازيق) كم شادتْ ، وكم طربت
بابن لها طيب الأوصاف والذكر؟

وإن (ماسبيرو) فيها الإرثُ مُدّخرٌ
فالتسجيلاتُ مَعينٌ نورُهُ يَسري

سل التآليفَ بالكنوز كم حفلتْ
من زاخر العلم في صحائف السِفر؟

عطية الحق مُفتينا وعالمَنا
وحاملاً راية القرآن في مصر

لئنْ رحلت عن الدنيا وزخرفها
مُتاركاً أهلها بعد انقِضا العمر

لئنْ هجرت بيوتاً كنت ساكنَها
والموتُ قادك يا أستاذ للقبر

فإن عِلمك باق نستعينُ بهِ
على الألى زورُهم في الدار يستشري

عليك رحمة رب الناس أجمعِهم
مادامتِ الشمس في هذي السما تجري

مناسبة القصيدة

(إن الكتابة عن العظماء شرفٌ ما بعده شرف! وواحدٌ من العظماء الذين كان لي شرف الكتابة عنهم نثراً وشعراً هو الشيخ الوقور المحترم الجهبذ العبقري عطية صقر! ولا أزكّي على الله ربي أحداً! ذلك الرجل الذي أبدعَ في التفسير والفتوى والدعوة! وكان قد عُرف بشجاعته ومواقفه الجريئة ، في نصر السنة وقمْع البدعة! فمن هو الشيخ الدكتور عطية صقر؟ وما هي قصته من المهد إلى اللحد؟ تحت عنوان: (عطية صقر) قالت (إسلام أون لاين) ما نصه بتصرف: (الشيخ عطية صقر .. مدرسة فقهية متميزة في ظل غبش الفكر واضمحلال الرؤى ، وطنطنة المنتسبين للعلم زوراً وبهتاناً ، وتعظم مصيبة الأمة في موت عالم صاحب فهم قبل أن يكون صاحب علم ، صاحب فقهٍ قبل أن يكون حافظاً ، وهكذا كان فقيد العلم الشيخ عطية صقر رحمه الله. العالم الفقيه ، والأزهري صاحب النظرة الوسطية التي لا تفريط فيها ولا إفراط ، والداعية الذي كان يُدرك جيداً متى يُشدد ، ومتى يُرخص ، عالم بمقاصد الشريعة العليا ، وقاف على حدود الله عز وجل. إنه العالم الذي يجمع ولا يفرق ، لكنه لا يقبل انحرافاً عن شريعة الله ، ولا تجاوزاً لحدوده ، يقف للعلمانيين بالمرصاد ، ويعلن براءة الإسلام بشموليته ورحابة أفقه من أفكارهم. وفي المقابل يظهر وجه الإسلام الجميل بعيداً عن تعصب فريق نصب نفسه بغير حق متحدثاً باسمه ، فيخرج أمثاله - رحمه الله - ليُجْلوا الحقيقة للناس ، وليُعْلنوا أن الإسلام أرحب وأوسع من تلك النظرات الضيقة ، وأن الفقه الإسلامي فيه من المرونة والسعة ما يسمح بتجاوز تلك الخلافات الضيقة.)
© 2024 - موقع الشعر